loader image

قانون الجنسية العمانية 17/2025

أصدر هيثم بن طارق، سلطان عُمان، في 2 فبراير 2025، مرسومًا سلطانيًا يقضي بإصدار قانون الجنسية العمانية الجديد، الذي استبدل القانون السابق الصادر بالمرسوم رقم 38/2014. ورغم التعهدات التي قدمتها سلطنة عُمان في عدة محافل دولية، مثل الاستعراض الدوري الشامل في يناير 2021، وكذلك التزاماتها بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، جاء القانون الجديد مخيبًا للآمال، حيث تضمن مواد جديدة، بعضها يمثل تحديثًا أو استبدالًا لمواد سابقة، بينما أُضيفت مواد أخرى إلى نص القانون.

في هذا التقرير، يستعرض المركز أهم المواد المثيرة للجدل التي وردت في القانون الجديد.

  • الإضافات الجديدة

على غرار القانون السابق، كرر القانون الحالي أحكام المادة الخامسة، لكنه أضاف عبارة “بناءً على توصية الوزير” في ما يتعلق بحالات الجمع بين الجنسية العمانية وجنسية أخرى، بعد أن كان القرار محصورًا بيد السلطان فقط. كما نصّ القانون، في المادة الرابعة، على عدم اختصاص المحاكم بنظر المنازعات المتعلقة بالجنسية، وهو ما تم التأكيد عليه في المرسوم السابق كذلك. 

1.1 الجنسية الأصلية (المنح والاسترداد):
أعاد القانون صياغة وتعريف العماني بصفة أصلية، وقسّمه إلى ثلاث مواد: 11، 12، و15. كما أضاف القانون إلى تعريف “العماني بصفة أصلية” الحفيد المولود في عمان أو خارجها لأب عماني وجدٍّ حصل على الجنسية العمانية. لم يشترط القانون الجديد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة على الزواج في حالة المولود الذي وُلد في عمان أو خارجها لأب عماني وأم أجنبية، وهو شرط كان مطلوبًا في القانون السابق.

كذلك، ألغى القانون الجديد شرط “الخلو من الأمراض المعدية” لأي عماني بصفة أصلية سبق له التنازل عن جنسيته ويرغب في استردادها، وفقًا للمادة 13. كما أضافت المادة 14 شرط “أصلية عمانية الأب” لأي شخص يريد استرداد جنسيته التي فقدها نتيجة لتنازل والده عنها.

خفض القانون مدة الإقامة المشروعة المتواصلة المطلوبة لأي أجنبي يتقدم بطلب الحصول على الجنسية العمانية إلى 15 عامًا بدلًا من 20 عامًا كما كان في السابق. كما زاد من فترة الغياب المسموح بها خلال العام الواحد إلى 90 يومًا بدلًا من 60 يومًا. كذلك، تم تخفيض شرط الإقامة المشروعة للأجنبي المتزوج بعمانية إلى 10 سنوات، مع السماح بغياب 90 يومًا في العام الواحد، دون اشتراط الحصول على موافقة مسبقة من وزارة الداخلية على الزواج، وذلك وفقًا للمادتين 17 و18.

أما فيما يتعلق بالأجنبية زوجة العماني، فقد ألغى القانون شرط الحصول على موافقة رسمية مسبقة على الزواج، وخفّض مدة الإقامة المشروعة المتواصلة ومدة الزواج إلى 8 سنوات بدلًا من 10 سنوات، كما زاد مدة الغياب المسموح بها إلى 90 يومًا في العام الواحد، وفقًا للمادة 19.

وبالنسبة إلى الأجنبية أرملة العماني، فقد جاءت المادة 20 أكثر وضوحًا فيما يتعلق بمدة الإقامة المشروعة، حيث تم تقليصها إلى 6 سنوات بدلًا من 15 سنة كما كان منصوصًا عليه في القانون السابق، مع إلغاء شرط الموافقة المسبقة على الزواج، وزيادة مدة الغياب إلى 90 يومًا سنويًا.

أما فيما يخص الأجنبية المطلقة من العماني، فقد فصَل القانون هذه الحالة عن حالة الأرملة، وذلك وفقًا لما ورد في المادة 21، حيث اشترط أن تكون مدة الإقامة المشروعة المتواصلة 8 سنوات، مع عدم تجاوز مدة الغياب 90 يومًا في العام الواحد.

وفيما يتعلق بمنح الجنسية للقاصر، فقد خُصصت المادة 22 لمنح الجنسية لابن العمانية المطلقة من أجنبي أو أرملة أجنبي. وقد ميّز القانون بين حالتي الطلاق والترمل من جهة، والهجر والغياب من جهة أخرى. وعلى غرار القانون السابق، اشترط القانون مرور 5 سنوات على الطلاق أو الترمل، بعد أن كانت 15 عامًا في القانون السابق، و10 سنوات في حالة الهجر أو الغياب.

أما بالنسبة إلى القاصر، فقد اشترط القانون أن تكون فترة الإقامة المشروعة المتواصلة 5 سنوات في حالة طلاق الأم أو ترملها، و10 سنوات في حالة الهجر أو الغياب، مع عدم تجاوز مدة الغياب 90 يومًا في العام الواحد.

1.2 فقد الجنسية وإسقاطها

1.2.1 فقد الجنسية

تضمّن القانون الجديد مادتين جديدتين (24 و25) تتعلقان بفقدان الجنسية للأشخاص الذين مُنِحت لهم، سواء كان ذلك لزوج العمانية أو زوجة العماني.

فيما يتعلق بزوج العمانية، نصّ القانون على أن الزوج الذي مُنح الجنسية العمانية يفقدها في حال طلاقه أو هجره لزوجته خلال السنوات الخمس التالية لمنحه الجنسية، على أن يُحتسب تاريخ فقدان الجنسية من تاريخ الطلاق أو الهجر. ومع ذلك، لا يفقد أولاده القُصّر جنسيتهم بالتبعية.

أما بالنسبة إلى زوجة العماني التي مُنِحت الجنسية، فإنها تفقد جنسيتها في حال طلاقها وزواجها من غير عماني.

1.2.2 إسقاط الجنسية

أضاف القانون الجديد بندًا جديدًا إلى المادة 26 (المادة 20 في القانون السابق)، وهو بند مثير للجدل، إلى جانب البنود الأخرى المثيرة للجدل في هذه المادة. حيث نصّ البند الأول من المادة على أن العماني بصفة أصلية تُسقط جنسيته إذا أساء بالقول أو الفعل إلى سلطنة عمان أو إلى ذات السلطان، دون تقديم أي تفسيرات أو توضيحات حول مفهوم “الإساءة”، مما يعني ترك تفسير المادة لوزارة الداخلية فقط. ويجدر بالذكر أن القانون نصّ على عدم اختصاص المحاكم في أي منازعات تتعلق بالجنسية.

كما كررت هذه المادة البنود الواردة في القانون السابق، والتي تنص على إسقاط الجنسية في حال انتماء العماني إلى جماعة أو حزب أو تنظيم يضرّ بمصالح البلاد، أو العمل لصالح دولة أجنبية بما يتعارض مع مصالح البلاد، أو العمل لصالح دولة معادية.

2. المرأة العمانية في قانون الجنسية وغياب المساواة

على الرغم من أن القانون الحالي قد أدخل بعض التعديلات على الأحكام المتعلقة بأبناء المرأة العمانية المتزوجة من أجنبي، وكذلك بالأجنبي زوج العمانية—مثل تقليص سنوات الإقامة المشروعة وزيادة مدة الغياب المسموح بها في العام الواحد—إلا أن غياب المساواة بين المرأة العمانية والرجل العماني لا يزال قائمًا في هذا القانون.

فأبناء الرجل العماني المتزوج من غير عمانية يحصلون على الجنسية بشكل تلقائي عند الولادة، سواء وُلِدوا داخل السلطنة أو خارجها، في حين أن أبناء المرأة العمانية المتزوجة من أجنبي يخضعون لشروط معقدة، ترتبط إما بحصول الأب على الجنسية، مما يسمح لهم بالحصول عليها بالتبعية، أو بكون الأم مطلقة، أرملة، أو متروكة من قبل زوجها.

أما فيما يتعلق بالأجنبي زوج العمانية، فيجب عليه التقدم بطلب للحصول على الجنسية بعد 10 سنوات من الإقامة المشروعة، بينما الأجنبية زوجة العماني يمكنها تقديم الطلب بعد 8 سنوات فقط. بالإضافة إلى ذلك، إذا توفيت زوجته العمانية أو طلقها، فإنه يفقد الحق في التقدم بطلب الجنسية، حتى وإن كان له منها أبناء، مما يعني أنه يُعامل وفقًا لأحكام المادة 17 من القانون.

كذلك، في حالة وفاة الزوج الأجنبي للمرأة العمانية أو طلاقه لها، يجب عليها الانتظار 5 سنوات قبل التقدم بطلب تجنيس أبنائها، بشرط أن يكونوا قُصَّرًا وأن يكونوا قد أقاموا في السلطنة بصورة مشروعة لمدة 5 سنوات، مع اشتراط أن تكون الحضانة للأم. أما في حالة هجر الزوج أو غيابه إلى جهة غير معلومة، فإن فترة الانتظار قبل التقدم بطلب التجنيس تمتد إلى 10 سنوات.

3. قانون الجنسية والشرعة الدولية لحقوق الإنسان

3.1 1. إسقاط الجنسية وانتهاك الحقوق الأساسية

يُثير قانون الجنسية العماني جدلًا حول إسقاط الجنسية وعدم المساواة بين الرجل والمرأة. فوفقًا للمادة 26، يجوز إسقاط الجنسية عن أي مواطن عُماني إذا ارتكب أفعالًا تُعتبر مسيئة إلى السلطنة أو إلى ذات السلطان، دون تحديد واضح لمفهوم “الإساءة”، مما يترك تفسيرها لوزارة الداخلية فقط. إضافةً إلى إمكانية إسقاط الجنسية عن الأفراد الذين ينتمون إلى جماعات تُضر بمصالح الدولة أو يعملون لصالح دول أجنبية أو معادية. وهو ما يتعارض مع المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكل فرد الحق في الجنسية، ولا يجوز حرمان أي شخص منها تعسفًا أو إنكار حقه في تغييرها”.

كماينصّ القانون على عدم اختصاص المحاكم في منازعات الجنسية، وهو ما يتعارض مع المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تؤكد حق كل فرد في اللجوء إلى محاكم مستقلة لحماية حقوقه الأساسية.

3.2 عدم المساواة بين الجنسين في منح الجنسية

من ناحية أخرى، لا تزال التمييزات الجندرية واضحة في قانون الجنسية، حيث يحصل أبناء الرجل العماني على الجنسية تلقائيًا عند الولادة، سواء وُلِدوا داخل السلطنة أو خارجها، في حين يخضع أبناء المرأة العمانية المتزوجة من أجنبي لشروط صارمة. وهو ما يتناقض مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو – CEDAW)، التي تؤكد في المادة 9 (البند 2) حق المرأة في منح جنسيتها لأبنائها وزوجها على قدم المساواة مع الرجل.

كذلك، المادة 3 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تنصّ على ضرورة عدم التمييز على أساس الجنس في الحقوق المدنية، وهو ما يخالفه القانون العماني من خلال فرض فترات إقامة أطول على زوج العمانية مقارنةً بزوجة العماني، ومنع الأبناء من الحصول على الجنسية بسهولة إذا كانت الأم عمانية.

إضافة إلى ذلك، فإن القانون الجديد يتناقض مع اتفاقية حقوق الطفل، التي تنص في المادة 7 على أن “يسجل الطفل بعد ولادته فورًا ويكون له الحق في اكتساب جنسية”. ومع ذلك، يحرم القانون أبناء المرأة العمانية المتزوجة من أجنبي من حقهم الفوري في الجنسية، مما قد يؤدي إلى حالات انعدام الجنسية للأطفال إذا لم يكن لهم جنسية الأب الأجنبي.

4. خلاصة

يُظهر قانون الجنسية العماني تعارضًا واضحًا مع المعايير الدولية، من خلال منح السلطة التقديرية المطلقة لإسقاط الجنسية دون رقابة قضائية، وفرض تمييز صارخ ضد المرأة في منح جنسيتها لأطفالها وزوجها، مما ينتهك مبادئ عدم التمييز والمساواة أمام القانون وحقوق الطفل.

فوفقًا للمادة 26، يجوز إسقاط الجنسية عن أي مواطن عُماني إذا ارتكب أفعالًا تُعتبر مسيئة إلى السلطنة أو إلى ذات السلطان، دون تحديد واضح لمفهوم “الإساءة”، مما يترك تفسيرها لوزارة الداخلية فقط. كما تنص المادة على عدم اختصاص المحاكم في منازعات الجنسية، إضافةً إلى إمكانية إسقاط الجنسية عن الأفراد الذين ينتمون إلى جماعات تُضر بمصالح الدولة أو يعملون لصالح دول أجنبية أو معادية.

من ناحية أخرى، لا تزال التمييزات الجندرية واضحة في قانون الجنسية، حيث يحصل أبناء الرجل العماني على الجنسية تلقائيًا عند الولادة، سواء وُلِدوا داخل السلطنة أو خارجها، في حين يخضع أبناء المرأة العمانية المتزوجة من أجنبي لشروط صارمة، مثل وفاة الزوج أو طلاقه أو هجره لها، مع اشتراط الإقامة المشروعة لفترات طويلة. كما يُلزَم زوج العمانية بالإقامة 10 سنوات قبل التقدم بطلب الجنسية، بينما تحصل زوجة العماني عليها بعد 8 سنوات فقط. وفي حالة وفاة الزوجة العمانية أو طلاقها، لا يحق لزوجها الأجنبي التقدم بطلب الجنسية، حتى وإن كان له أبناء عمانيون. أما المرأة العمانية، فإذا فقدت زوجها الأجنبي أو طلقها، فعليها الانتظار 5 سنوات قبل التقدم بطلب تجنيس أبنائها، و10 سنوات في حالة هجر أو غياب الزوج. يعكس ذلك استمرار غياب المساواة بين الجنسين في قانون الجنسية العماني.

اقرأ أيضا Read More
زر الذهاب إلى الأعلى