loader image

اضطهاد عابر للحدود تقوده السلطات ضد باحث ومعارض عُماني

يدين المركز العُماني لحقوق الإنسان والديموقراطية السابقة الخطيرة التي أقدمت عليها السلطات العُمانية، والمتمثّلة في استهداف أحد الناشطين المقيمين في الخارج، عبر اختطاف أفراد من عائلته من المملكة المتحدة وإعادتهم قسرًا إلى عُمان. ويعدّ المركز هذه الحادثة سابقة خطيرة وتصعيدًا في ممارسات القمع، وتوسعًا في استهداف الناشطين في الخارج.

في الثامن عشر من يوليو/تموز 2025، أقدمت السلطات العُمانية على اختطاف عائلة فهد آل ثاني من مدينة غلاسكو، في ظروف يراها المركز مريبة وتشير إلى تعاون بين عدة جهات رسمية. ووفقًا لما أفاد به فهد للمركز، فإن أفراد عائلته، المكوّنة من زوجته وطفليه، لا يحملون وثائق سفر، حيث قام فهد بتسليم جميع الوثائق الشخصية الخاصة به وبعائلته إلى السلطات البريطانية عند تقدّمه بطلب اللجوء، الذي حصل عليه رسميًا في عام 2024.

ورغم أن فهد كان بإمكانه التقديم على ما يُعرف بـ “وثائق السفر” (Travel Documents) له ولعائلته، باعتبارها وثائق رسمية ومعتمدة، إلا أنه لم يقم بذلك حتى الآن. وهو ما يثير تساؤلات جدية حول الجهة التي وفرت وثائق سفر بديلة لعائلته، وسهّلت عملية سفرهم وعبورهم من المطار. ويؤكد المركز أن حتى في حال وجود وثائق سفر بديلة، فإن السفر إلى عُمان أو أي من دول الخليج يتطلب الحصول على تأشيرة وتصريح أمني من الدولة المستقبلة.

فهد آل ثاني هو باحث وكاتب عُماني مختص في تاريخ عُمان السياسي الحديث، وينحدر من منطقة الجبل الأخضر في عُمان. يقيم حاليًا في اسكتلندا، حيث يعيش منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، بعد اضطراره للنزوح من عُمان مع عائلته – زوجته وطفليه – نتيجة استهدافه من قبل النظام السلطاني الحاكم.

بدأت السلطات العُمانية استهداف فهد قبل نحو عقدين من الزمن، بسبب أبحاثه وكتاباته التي تناولت الاستعمار البريطاني لعُمان، وعلاقة النظام السلطاني ببريطانيا، والتي يرى فهد أنها علاقة تبعية لم تنقطع حتى اليوم. وقد تعرّض فهد للاعتقال لأول مرة في عام 2009، ثم اعتقل مجددًا في عام 2013، وتعرّض حينها لاستهداف مباشر من قبل جهاز الأمن الداخلي، شمل الملاحقة والتضييق عليه في عمله، حيث كان يعمل مهندس حفر في قطاع النفط والغاز في عُمان لما يقارب 12 عامًا.

ورغم أن فهد توقف عن نشر كتاباته بعد اعتقاله الثاني، إلا أنه ظل في دائرة الاستهداف الأمني المستمر.

ومع تشديد القبضة الأمنية في عهد السلطان الحالي هيثم بن طارق، والتي تجلّت من خلال إصدار قانون جهاز الأمن الداخلي وغيره من القوانين القمعية التي منحت السلطات الأمنية صلاحيات مطلقة في مراقبة المواطنين والناشطين دون أية ضمانات قانونية واضحة، شهدت البلاد موجة من الاستدعاءات والاعتقالات، العديد منها لم يُعلن عنه خوفًا من انتقام السلطات في حال تسريب الأخبار.

 

وقد صرّح فهد للمركز:

“في عهد قابوس، كان العيش كإنسان حر في عُمان أمرًا بالغ الصعوبة، أما في عهد هيثم، فقد أصبح الأمر مستحيلًا.”
وأضاف تعليقًا على حادثة اختطاف عائلته:

“لقد هاجرت مع عائلتي من عُمان بسبب ظلم النظام السلطاني واستهدافه لي ولأطفالي، وجئنا إلى المملكة المتحدة بحثًا عن الأمان، بعيدًا عن القمع والملاحقة والاستبداد؛ فإذا بهذا النظام المجرم يمتد إلينا ويخطف أبنائي منّي بأسلوب غادر وجبان، تجرّمه كافة القوانين والتشريعات. إن النظام السلطاني يسعى للانتقام مني بعد أن فضحته وعرّيته، فلم يجد وسيلة للانتقام سوى أطفالي الأبرياء، مستهدفًا إياي من خلالهم.”

بعد خروجه من عُمان، استأنف فهد نشر كتاباته وآرائه، وهو ما اعتبرته السلطات العُمانية نشاطًا عدائيًا ضدها. وقد بدأت هذه السلطات بممارسة ضغوط على أقاربه داخل عُمان، في محاولة لإجباره على التوقف عن التعبير عن آرائه. كما تعرّضت زوجته لضغوط اجتماعية ونفسية مكثفة ومستمرة طيلة السنوات الثلاث الماضية، تمارسها عائلتها وأطراف مقربة، بهدف إقناعها بالانفصال عنه والعودة بمفردها إلى عُمان، في مسعى لتفكيك أسرته والنيل من نشاطه الحقوقي والفكري.

هذا، ويدين المركز العُماني لحقوق الإنسان قيام السلطات العُمانية باختطاف وإرغام عائلة لاجئ عُماني على العودة قسرًا إلى عُمان، وهو ما يعتبره المركز شكلاً من أشكال القمع العابر للحدود، واستهدافًا ممنهجًا للناشطين في الخارج.

ويطالب المركزُ السلطاتِ في المملكة المتحدة بفتح تحقيق خاص ومستقل في هذه القضية، لكشف كافة الملابسات المحيطة بهذه الحادثة، وضمان محاسبة الجهات المتورطة فيها، ومنع تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً.

اقرأ أيضا Read More
زر الذهاب إلى الأعلى