
المجتمع المدني وإنشاء الجمعيات والأحزاب
رغم زعم سلطنة عمان بأنها تسمح بالنشاط المدني وبأن لديها مجتمعًا مدنيًا ناشطًا، إلا أن هذا النشاط المدني في عمان يقتصر على أغراض أو أهداف محددة، ولا يُسمح بأي نشاط أو إنشاء أي جمعية أو كيان يتمحور نشاطه حول الطابع الحقوقي أو السياسي. تنص المادة (1) من قانون الجمعيات الأهلية على تحديد وظائف الجمعيات في الجوانب الثقافية، الاجتماعية، أو الخيرية. كما تحظر المادة (5) من القانون العمل في السياسة.
علاوة على ذلك، يمنح القانون الحق للوزارة في رفض إشهار أي جمعية إذا رأت أن المجتمع ليس في حاجة إلى خدماتها، أو إذا اعتُبرت غير متوافقة مع أمن الدولة أو مصالحها.
وفقًا للنظام الأساسي للدولة، تنص المادة 40 على أن حرية تكوين الجمعيات مكفولة، ولكن “على أسس وطنية”، دون تقديم أي تفسير واضح لماهية “الأسس الوطنية” أو “الأهداف المشروعة” التي أشارت إليها المادة. ومع ذلك، يتضح من القيود المفروضة على إنشاء أي جمعية ذات طبيعة حقوقية أو سياسية أن نشاط المجتمع المدني المستقل في هذا المجال يخضع لتقييد شديد عبر القوانين والعقوبات، مما يجعل الأفراد المنخرطين في مثل هذه الأنشطة عرضة للمضايقات والإجراءات العقابية.
إضافة إلى ذلك، تفرض الحكومة قيودًا إضافية على حرية الانضمام إلى الجمعيات من خلال حظر الكيانات التي تُصنف أنشطتها بأنها “معادية للنظام الاجتماعي” أو “غير ملائمة” بأي شكل. ووفقًا للفقرة الثانية من المادة 26 من قانون الجنسية، قد يتعرض الأفراد المنتمون إلى مجموعات تُعتبر “ضارة بالمصالح الوطنية” لخطر إسقاط الجنسية.
كما تنص المادة 116 من قانون الجزاء على عقوبات مشددة تشمل السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تتجاوز عشر سنوات لأي فرد يشارك في إنشاء أو تنظيم أو إدارة أو تمويل جمعية أو حزب أو هيئة أو منظمة أو كيان مشابه، بغض النظر عن التسمية أو الشكل، إذا كانت أهدافه تتحدى المبادئ السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأمنية للدولة، أو تسعى إلى سيطرة فئة اجتماعية على أخرى أو القضاء عليها.
كما تفرض السلطات رقابة صارمة على الأنشطة الفردية أو المبادرات الذاتية، بما في ذلك التجمعات العفوية في الأماكن العامة التي تهدف إلى إجراء نقاشات ثقافية، سواء كانت النقاشات ذات طابع تاريخي، حقوقي، أو سياسي. وفي عدة حالات موثقة، تعرض العديد من الأفراد للاستدعاء والتحقيق بسبب مشاركتهم في مثل هذه النقاشات أو تنظيمها. علاوة على ذلك، أصدرت السلطات تعليمات صارمة تحظر على المقاهي وأماكن التجمعات العامة استضافة أو السماح بأي نوع من هذه الأنشطة، حتى لو كانت ذات طبيعة ثقافية بحتة.
هذا النهج يعكس تقييداً إضافياً على الحريات العامة، ويؤدي إلى خنق النقاشات المفتوحة التي تُعد ضرورية لتعزيز التفاعل الفكري والمجتمعي. كما يساهم في خلق بيئة تتسم بالخوف من التعبير عن الآراء أو تنظيم أي نشاط ثقافي أو فكري قد يُفهم على أنه يتعارض مع التوجهات الرسمية أو يمثل تحدياً للسلطات.
رغم تصديق عمان على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلا أن النشاط المدني لا يزال مقيدًا. ورغم توقيع عمان على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إلا أنها قدمت تحفظات على بعض المواد . كما أن احتمالية إدماج مبادئ هذا العهد وبنوده في القوانين والتشريعات الوطنية تبدو ضعيفة، بالنظر إلى النهج الحالي للسلطات في تقييد النشاط المدني والسياسي.
