loader image

تمكين المرأة في المجتمع.

يعد تمكين المرأة من أهم المواضيع المرتبطة بتحسين أوضاعها في المجتمعات بصورة عامة. ولكن في المجتمعات المحافظة، أو التي تُعرف بطابعها الذكوري أو الأبوي، تعاني المرأة من مشاكل مضاعفة أسوة بالمجتمعات التي علمت على تطوير قوانينها بما يُتيح فرص متكافئة ومعاملة مساوية بالرجل. هذه المشاكل تتمثل في جوانب عدة مثل التمييز في القوانين لصالح الرجل، قلة فرص العمل، عدم قدرة المرأة على نقل جنسيتها إلى أبناءها إذا كانت متزوجة، أو تزوجت، من غير جنسية بلدها، انعدام أو ضعف الحماية من العنف الأسري، وغيرها من التحديات والمشاكل التي قد تقف كحاجز أمام تقدم المرأة وتطورها وحصولها على الاستقلالية. كما تعاني المرأة في المجتمعات المحافظة كذلك، من تبعية المرأة الدائمة إلى عائلتها، حيث أنها غير قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية مثل الزواج أو العمل أو التنقل أو الدراسة، دون الحصول على الموافقة من عائلتها أو الدعم.

أسوأ النتائج التي تتعرض لها المرأة إلى غياب الوعي بأهمية تمكينها، وكذلك ضعف القوانين الوطنية أو المحلية التي تعزز ذلك وتوفر الحماية الكافية لممارسة حياتها دون قيود، هو العنف الذي يصل في حالات كثيرة إلى القتل. كذلك فقدان الفرص التي قد تكون متاجة لها في الحياة العملية. لذلك، يأتي تمكين المرأة كوسيلة من أجل زيادة الوعي بأهمية دور المرأة في المجتمع، ومدى فاعلية هذا الدور كلما توفرت البيئة الآمنة والمناسبة قانونيا واجتماعيا واقتصاديا. 

تمكين المرأة:

يُعرف تمكين المرأة على أنه “العملية التي تكتسب النساء من خلالها وعيا بشأن علاقات السلطة غير المتكافئة القائمة على أساس النوع الإجتماعي ويحظى بصوت أعلى يخولها ومواجهة عدم المساواة السائدة في المنزل ومكان العمل والمجتمع المحلي”. من خلال عمل المركز على قضايا المرأة في طوال مسيرته المهنية في العقد الأخير، فأنه يؤكد على ضرورة التعامل بجدية مع واقع اختلاف المجتمعات، سواء لأسباب دينية أو ثقافية أو عرقية. أخذ هذه الفروقات في الحسبان لا يعني تجاهل الأهداف الأساسية من أجل النجاح إلى تعزيز دور المرأة وتحقيق التمكين بصورة فعالة. ولا حتى ابتكار طرق وآليات مخالفة عن التي وضعت وطبقت سابقا، ولكن إيجاد ذلك التوازن الذي يحقق التعامل مع التحديات بطريقة تُثبت للمجتمعات أن تمكين المرأة ليس انتقاصا من قيم هذه المجتمعات ولا يمثل أيّ تهديد لثوابتها.

على الرغم من توقيع عمان ومصادقتها على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، إلا أن القيود المفروضة على المرأة والقوانين التي تمثل تحيّزا للرجل، لا زالت سارية المفعول في القوانين المحلية في عمان. على سبيل المثال، رغم أن النظام الأساسي للدولة أكد في مادته الــ 21 على المساواة في الحقوق والواجبات وأن لا تمييز بسبب الجنس، إلا أن قوانينا مثل الأحوال الشخصية والجزاء يتضمنان قوانينا تمثل انتهاكا لحقوق للمرأة.  كما أنه وحسب تقرير الفجوة بين الجنسين الذي يصدر من منتدى الاقتصاد العالمي، حصلت عمان على مركز متأخر جدا، 139، من بين 146 دولة، محققة نقاطا لا تتجاوز 0.614.

وعليه واستنادا على الواقع القانوني والاجتماعي وكذلك الاقتصادي للمرأة في عمان، يقدم المركز هذه الخطة التي قد تساعد في النهوض بالوعي بأهمية تمكين المرأة وزيادة دورها بطريقة أكثر فاعلية، وهنا لا بد من الإشارة والتشديد على أهمية الاعتماد على نساء من خلفيات اجتماعية وثقافية واقتصادية وتعليمية مختلفة من أجل وضع خطة شاملة تضمن عدم تفويت أي من العوامل التي تمثل تحديا أمام تمكين المرأة ومساهمتها الفعالة في المجتمع. 

قانونيا:

  • مراجعة كافة القوانين المحلية، وإلغاء أي تشريعات تمثل أو قد تمثل تمييزا ضد المرأة، سواء فيما يتعلق بوضعها الاجتماعي في حياتها الأسرية، أو في حياتها العملية كذلك.
  • استحداث القوانين التي تعزز من حماية المرأة من العنف الأسري، وتوفير المراكز حماية للمعنفات التي تكفل وتضمن إبقاء الضحايا بعيدا عن أي خطر من قبل ذويهن، مع وضع القوانين المشددة التي تعاقب أيّة أفعال تمثل عنفا ضد المرأة. 
  • تحسين القوانين التي تسهل من نقل جنسية المرأة العمانية المتزوجة من غير عماني إلى أبنائها دون الحاجة إلى الانتظار لسنوات طويلة أو وضع شروط تعجيزية متعلقة بحالة المرأة الاجتماعية. 

اجتماعيا:

  • التخلص من العوائق الاجتماعية أو الأعراف التقييدية التي تحد من دور المرأة خارج المنزل. والعمل على وضع خطة تثقيفية للمجتمع بكافة شرائحه توضح مدى خطورة هذه العوائق ونتائجها السلبية على دور المرأة وحالتها النفسية والاجتماعية. 
  • إشراك الرجل في عملية التوعية والتثقيف بما يُتيح انتشار آمن وأوسع. 
  • توظيف التكنولوجيا في نشر الوعي الاجتماعي بما يتيح وصول أسرع للمعلومة.

نفسيا وصحيا:

  • توفير مساحة آمنة للمرأة من أجل الحديث عن مشاكلها وتأثير التحديات التي تواجهها في المجتمع على صحتها النفسية والجسدية. 
  • توفير المساحة الآمنة وكذلك الأدوات والقنوات الفاعلة التي تمكن المرأة من المطالبة  بحقوقهن والدفاع عنها. 
  • توفير برنامج لــ الاستشارات النفسية والصحية المجانية على يد متخصصين. 

سياسيا:

  • تفعيل مشاركة المرأة في المجتمع عبر توسيع قاعدة التمثيل البرلماني بنظام يتيح لها الوصول للمجالس التمثيلية دون الحاجة إلى خوض نفس الخطوات أو القواعد المطبقة، وذلك في حالة عدم ثقة المجتمع في المرأة بسبب الأعراف أو بسبب الطابع الذكوري. 
  • العمل على تعيين المرأة في المناصب الرسمية بطريقة مساوية للرجل، وضمان نسبة التساوي في التمثيل.
  • وجود اللجان الخاصة بالمرأة في المؤسسات الأهلية أو الرسمية، والتي لا بد أن تكون تتضمن عضويتها شريحة مختلفة من نساء المجتمع. 

ضرورة تمكين المرأة مهم وحيوي لإنشاء عالم أكثر إنصافًا وازدهارًا واستدامة. وذلك لمساهمته في ضمان وصول المرأة المتساوي إلى التعليم والتوظيف والمناصب القيادية، وهو ما يُثري المجتمعات بمجموعة أوسع من وجهات النظر والمهارات والمواهب. كما ينتج عن ذلك تعزيز النمو الاقتصادي، وتحسين المعدلات الصحية العامة والفردية، وتحقيق حوكمة أكثر فعالية. ولكن من المهم كذلك التشديد على نقطة مهمة وهي أن التمكين هو وسيلة فعالة لــكسر دوائر الفقر، والحد من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية.بالتالي، من الواضح وكذلك من المؤكد أن فكرة تمكين المرأة لا يمكن حصرها فقط حول الإنصاف أو المساواة؛ بل هو استراتيجية حاسمة لتقدم البشرية وإقامة مجتمع متوازن ومنسجم للجميع.

اقرأ أيضا Read More
زر الذهاب إلى الأعلى