اليوم العالمي لحرية الصحافة

قيود على العمل الصحفي والصحفيين في عمان 

يحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من مايو من كل عام، يعد هذا اليوم مناسبة للتفكير في الدور المهم للإعلام في المجتمع والتحديات التي يواجهها الصحفيون في السعي وراء الحقيقة.  في العديد من البلدان، تعد حرية وسائل الإعلام مؤشرًا رئيسيًا لتطور الدولة واحترامها لحقوق الإنسان. تعرضت عمان لانتقادات متزايدة بسبب انتهاكاتها لحقوق الصحفيين والرقابة والقيود المفروضة على حرية الإعلام.

إن سجل عمان في مجال حرية الإعلام وحرية التعبير، كما أبرزه مؤشر حرية الصحافة مراسلون بلا حدود، مثير للقلق. تحتل عُمان المرتبة 137 من أصل 180 دولة في مؤشر 2024 لمؤشر RSF، متقدمة 18 مركزا عن العام السابق. ولكن وبرغم هذا التقدم، ترى المنظمة أن الرقابة الذاتية لا زالت حاضرة وبقوة. كما أشار التقرير كذلك إلى الاستهداف المستمر للصحافة المستقلة. 

منظمة فريدوم هاوس صنفت عمان على أنها “غير حرة” مع إجمالي 24 نقطة من 100 نقطة، حيث حصلت عمان على 6 نقاط من 40 في الحقوق السياسية، و 18 من 40 في الحقوق المدنية. كما أشارت النظمة في تقريرها إلى حصول عمان على تقدير متدني جدا في الحريات المدنية وذلك نتيجة القيود المفروضة على حرية التعبير عن الرأي وعلى تكوين الجمعيات أو حرية التظاهر السلمي.

قانون المطبوعات والنشر، الذي صدر في عام 1984، لا يزال ساري المفعول، على الرغم من مرور 40 عامًا على صدوره. ورغم انتقاد العديد من الصحفيين والإعلاميين والكتاب داخل عمان للمرسوم وقوانينه، إلا أنه لم يُعلن حتى الآن عن وجود نية لتغييره أو تحديثه. 

في ديسمبر 2020، وجه وزير الإعلام باعتماد تعديل على قانون المطبوعات والنشر، يجعل وسائل الإعلام الإلكترونية بموجب نفس قوانين وسائل الإعلام التقليدية، وهو ما يعتبره المركز العماني لحقوق الإنسان والديمقراطية إعاقة لتطوير المشهد الإعلامي والصحفي في عمان. 

كذلك يمُثل عدم توقيع عمان على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،  جدلا حول نيتها إلى احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان فيما يتمثل في حرية الرأي والتعبير والحقوق المدنية والسياسية، التي تعتبر الصحافة والإعلام أحد أركانها.

يحتوي قانون الجزاء العماني على العديد من الأحكام التي تقوم بالحد من حرية الصحافة وتدفق المعلومات. على سبيل المثال، المادة 115 التي تنص على عقوبة السجن لمدة قد تصل لـ 3 سنوات لكل حرض أو أذاع أو نشر عمدا في الداخل أو الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة، وكان من شأن ذلك النيل من هيبة الدولة أو إضعاف الثقة في أسواقها المالية أو مكانتها الاقتصادية والمالية. تم استخدام هذا البند لإغلاق الصحف المستقلة، مثل إغلاق جريدة الزمن في عام 2016 ، بعد أن نشرت تقارير عن الفساد الإداري في وزارة العدل ، ومؤخرا في استهداف الأفراد الذين يتحدثون ضد سياسات الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي.

علاوة على ذلك ، تحظر المادة 249 من نفس القانون نشر أخبار تتعلق بتحقيق جاري أو وثيقة ذات صلة دون إذن من النيابة العامة أو المحكمة المختصة، مع عقوبات تصل إلى سنتين في السجن وغرامات. تم استخدام هذا الحكم لاستهداف الصحفيين الذين يكتبون عن الفساد أو غيرها من القضايا الحساسة.

 في مارس / آذار 2022 ، اتهم الصحفي مختار الهنائي بموجب المادة 249 بعد أن غرد عن قضية فساد مالي وإداري في احد الوزارات الحكومية، ورغم انتهاء القضية منذ يوليو 2022 وتبرئة المحكمة له، إلا أنه لا زال متوقفا عن العمل بسبب الضغوطات الممارسة عليه.

كما أن الصحفية فاطمة العريمي أعلنت في مارس 2023 توقف منصتها الإخبارية “وكالة واف” عن البث، دون ذكر للأسباب، مع العلم أن وزارة الإعلام العمانية كانت قد سحبت رخصة تمثيل وكالة رويترز عن العريمية في يناير 2017.

كما تم تحويل إذاعة هلا إف إم ومواطنة عمانية “أم رقية” للتحقيق، وكانت أم رقية ظهرت في إحدى الحلقات الإذاعية للقناة وعرضت صورا تتضمن تخريبا وإهمالا في أحد المدارس الحكومية في ولاية العامرات في محافظة مسقط. ولا زالت القضية سارية حتى الآن.

مع العلم، أن الإعلامية ومذيعة قناة هلا إف إم “خلود العلوية” كانت قد تعرضت للإيقاف من وزارة الإعلام العمانية في ديسمبر 2021 وكذلك برنامجها “كل الأسئلة” قبل أن تتراجع الوزارة عن قرارها حسب بيان أصدرته جمعية الصحفيين العمانيين في 29 ديسمبر 2021.

يشكل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في عمان أيضًا تهديدًا لحرية الصحافة، حيث تنص المادة 19 على عقوبات بالسجن والغرامات لأي شخص يستخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو نشر أو توزيع أو شراء أو حيازة كل ما من شأنه – أو ينطوي على – المساس بالقيم الدينية أو النظام العام. تكنولوجيا. تم استخدام هذا الحكم لاستهداف نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي والأفراد النشطين بالسياسة أو الحرية الدينية.

كما أن القيود المفروضة على حرية التعبير يمثل أحد أكبر التحديات أمام حرية الصحافة، والشفافية والحياد. على سبيل المثال ، المادة (٩٧) من قانون الجزاء تعاقب بالسجن لمدة أقصاها ٧ سنوات كل من ينتقد السلطان أو عائلته أو سلطته. لمن ينتقد السلطان أو أسرته أو يتحدى سلطته. تم استخدام هذا الحكم لإسكات المعارضة ومعاقبة الأفراد الذين يجرؤون على التعبير عن آرائهم. 

يعد المركز العماني لحقوق الإنسان والديمقراطية نهج عمان التقييدي تجاه حرية الصحافة والرقابة على وسائل الإعلام مدعاة للقلق. يفرض قانون المطبوعات والنشر الذي عفا عليه الزمن، والذي لم يواكب التطورات التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي، رقابة شديدة على الصحفيين والمنصات الإعلامية. كما ان القيود المفروضة على حرية التعبير، سواء في قانون الجزاء العماني أو قانون الجرائما لإلكترونية، وتجريم انتقاد السلطان وعائلته يدل على عدم التسامح مع الآراء المعارضة للقوانين السائدة أو التوجه الرسمي وتتجاهل مبادئ حرية الصحافة والتعبير.

من الضروري أن تتخذ عُمان خطوات جدية لإصلاح قوانينها وممارساتها المتعلقة بحرية الإعلام وحرية التعبير، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، لتعزيز الشفافية والمساءلة والمشهد الإعلامي النابض بالحياة الذي يخدم الشعب. من الضروري أن تضمن الحكومة العمانية أن الصحفيين والإعلاميين يمكنهم القيام بعملهم دون خوف من الرقابة أو المضايقة أو السجن.

زر الذهاب إلى الأعلى