اليوم العالمي للبيئة

اليوم العالمي للبئية هو برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) عملت على عقده سنويا منذ 5 يونيو 1973، ويعتبر أكبر منصة عالمية للتوعية العامة بالبيئة ويحتفل به ملايين الأشخاص حول العالم. ويهدف شعار هذا العام إلى مقاومة التصحر وبناء مقاومات للجفاف، ذلك أن 40% من أراضي الكوكب متدهورة ونسبة التصحر منذ عام 2000 زادت 29%، وهو ما يؤثر على نصف سكان العالم. وترى الأمم المتحدة أن عدم اتخاذ خطوات عاجلة الآن سيقود إلى زيادة الجفاف والذي بدوره سيزادد تأثيره إلى 3 أرباع سكان العالم في حلول عام 2050.
للأسف، تعتبر عمان أحد الدول المعرضة للتغير المناخي والتأثر السلبي بهذا التغيير. وذلك لأسباب مختلفة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، ارتفاع منسوب ملوحة المياه الجوفية، وكذلك العواصف الاستوائية. ولكن في البداية، سيتطرق التقرير إلى تقديم عددا من التعريفات والمفاهيم المتعلقة بالتغير المناخي.
يشير التغير المناخي إلى التحولات طويلة الأمد في أنماط المناخ العالمي أو الإقليمي، والتي يسببها في المقام الأول الأنشطة البشرية المتمثلة في انبعاث الغازات الدفيئية مثل ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الميثان (CH4)، وأكسيد النيتروس (N2O). تلك الانبعاثات تحتجز الحرارة في الغلاف الجوي للأرض، مما يؤدي إلى حدوث “تأثير البيوت الزجاجية“، ويتسبب في ارتفاع درجة حرارة الكوكب. يترتب على التغير المناخي عواقب وآثار واسعة النطاق على مختلف جوانب البيئة والمجتمع والاقتصاد.
هناك مجموعة من العوامل التي تؤدي إلى تغير المناخ بشكل أساسي، وهي نتاج للنشاط البشري الذي يتتفاعل ويسهم في تحولات أنماط المناخ العالمي والإقليمي. لذلك، فإن الحديث عن التغير المناخي يقودنا عادة إلى أمرين، الأسباب التي تؤدي إلى هذا التغير أو التي تتسبب في حدوثه. وثانيا، الآثار الناتجة عن هذا التغير أو الأضرار التي تلحق بالطبيعة والعالم من حولنا بصورة عامة. من بين الأسباب الرئيسية لتغير المناخ:
توليد الطاقة، تصنيع البضائع، قطع الغابات، استخدام وسائل النقل، إنتاج الغذاء، تزويد المباني بالطاقة، الاستهلاك الكثير والمتكرر.
تأثيرات تغير المناخ هي النتائج والتغيرات التي تحدث في البيئة والمجتمع نتيجة زيادة درجات حرارة الأرض والتغيرات في أنماط المناخ. تتراوح تأثيرات تغير المناخ من آثار مباشرة على البيئة والحياة البرية إلى آثار اقتصادية واجتماعية على المجتمعات. بعض أهم هذه التأثيرات:
الاحتباس الحراري، ذوبان الجليد القطبي، الظواهر الجوية المتطرفة، حموضة المحيطات، فقدان التنوع البيولوجي، ندرة المياه، تهديدات الزراعة، آثار صحية، التشريد والهجرة، وكذلك التفاوت الاقتصادي والاجتماعي.
في عمان، وفي تقرير صادر عن وزارة الصحة في عام 2023 حول الأمراض غير المعديةـ، نبّه التقرير إلى ضرورة اتخاذ الإجراء ات اللازمة التي تحد من تلوث الهواء، حيث لوحظ ارتفاع لمؤشر التلوث في محافظة مسقط فوق الحد الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية. التقرير دعى إلى التحسين من كفاءة الطاقة والموارد في قطاعي الصناعة والنفط والغاز وتنفيذ مبادرات داعمة للكهرباء الخضراء، ومشروعات لاستبدال الوقود الأحفوري بالهيدروجين الأخضر.
كما أن التغير المناخي نتج عنه العديد من العواصف الاستوائية التي تسببت في خسائر مالية كبيرة تصل إلى مليارات الدولارات. في عام 2007، ضرب إعصار جونو السواحل العمانية وقٌدرت تكلفة أضراره بحوالي 4 مليارات دولار. وفي ربيع عام 2018، تأثرت المناطق الساحلية بإعصار ميكونو، الذي تسبب في حوالي 1.5 مليار دولار من الأضرار. من بين محافظات الساحل، يُعتبرساحل الباطنة الشمالي أكثر السواحل عُرضة للعواصف الاستوائية المتصاعدة بسبب تغير المناخ. وبالإضافة إلى ذلك، تعتبر مناطق مثل مسقط وصُلَالة وصُحَار عُرضةً بشدة أيضًا بسبب الموقع الجغرافي لعُمان، حيث تقع على ثلاثة جبهات بحرية وتمتد سواحلها لمسافة 3,165 كيلومتر. ونظرًا لأن معظم العُمانيين يعيشون على الساحل أو قُربه، فإنهم يواجهون مخاطر متزايدة عندما تضرب الأعاصير اليابسة.
الشواطئ العمانية لها نصيبها كذلك من الضرر البيئي الذي تشهده عمان، حيث أن بعضها عرضة لما يُعرف بالتآكل الشاطئي. يعرّف التآكل الشاطئي على أنه “التآكل الساحلي هو فقدان أو إزاحة اليابسة على طول الخط الساحلي من تفاعل المحيطات والأمواج والشواطئ، وغالباً ما يقترن ذلك بتأثير النشاط البشري. يحدث التآكل الساحلي عندما تحرك الرياح أو الأمواج أو التيارات الشاطئية الطويلة أو المد والجزر أو جريان المياه السطحية أو تسرب المياه الجوفية الرمال والرواسب من موقع ساحلي”. في دراسة مقدمة من جامعة السلطان قابوس، تُوقع فيها أن يتراجع أحد السواحل العمانية، رأس السوادي، 860 متر إلى الداخل وارتفاع منسوب مياه البحر إلى أكثر من متر. هذا يُضاف إلى مشاكل بيئية أخرى مثل ردم المخلفات ومشاريع الطرق المعبّدة القريبة من الشواطئ إلى جانب الممارسات الزراعية الغير صحية.
كما أن الطقس المتطرف يشكل اليوم أحد المخاطر الناتجة عن التغير المناخي في عمان. حيث شهدت البلاد في السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في درجات الحرارة. في يونيو 2018، شهدت مدينة قريات، والتي تبعد 60 كيلومترا شرق العاصمة مسقط، استقرارا في درجة حرارة مرتفعة وصلت إلى41.9 درجة مئوية استمر لمدة 24 ساعة دون انخفاض. كذلك في يونيو 2021، استمرت موجات درجات الحرارة المرتفعة لمدة تقارب الشهر في بعض المناطق، والتي تجاوزت الــ 50 درجة مئوية، مسجلة بذلك أعلى كوجة حرارية تشهدها البلاد. كما تشير التوقعات المناخية كذلك أن عمان قد تشهد في العقود القادمة المزيد من ارتفاع درجات الحراة بسبب التغيرات المناخية.
كذلك، أحد الآثار التي تعاني منها عمان بسبب التغير المناخي هو ملوحة المياه الجوفية التي للأراضي الساحلية، وذلك بسبب ارتفاع منسوب مستوى سطح الأرض. ويتوقع خبراء عدم صلاحية ما نسبته 64% من الأراضي الزراعية في جنوب الباطنة، أحد المناطق الساحلية، للري وذلك نتيجة لتسرب المياه المالحة للمياه الجوفية.
برغم الخطة الاستراتيجية الموضوعة من قبل السلطات لمواجهة أزمة تغير المناخ، إلا أنه لا بد على السلطات وبمشاركة المجتمع المدني إلى وضع المزيد من الجهود من أجل مواجهة هذه الأزمة.