اليوم الدولي للعمل البرلماني 30 يونيو.

في 30 يونيو 1889، تأسس الاتحاد البرلماني الدولي، وهو اليوم الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2018 كيوم دولي للاحتفال بالعمل البرلماني. ويأتي العمل البرلماني كنتيجة أو علامة للديمقراطية، التي تتمثل أهميتها في أنها قائمة على الإرادة الحرّة للشعوب في تقرير النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب المشاركة الكاملة في كافة جوانب الحياة العامة.
في إعلان فيينا، المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، شددت وثيقة الإعلان في المادة الثامنة على أن الديمقراطية والتنيمة واحترام الحقوق والحريات أمور مترابطة ويعزز بعضها بعضا. كما أن الوثيقة ترى أن الديمقراطية من أحد أهدافها هو الحفاظ على كرامة الفرد وتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز التماسك المجتمعي. تكمن أهمية العمل البرلماني ووجوده في كونه يستمد مبادئ عمله من الديمقراطية التي تتركز أهميتها من كونها قائمة على فكرة العدل والمساواة وحماية الحقوق والحريات، وأن السلطة خاضعة لممثلين للشعب أو للشعب مباشرة.
عُمان، وكغيرها من دول الخليج العربي أو بعض أنظمة الشرق الأوسط، دولة ذات نظام استبدادي. حيث أن النظام السياسي هو ملكية (سلطاني) مطلقة حيث أن السلطان الحالي، هيثم بن طارق، هو رئيس الدولة والحكومة وكذلك القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء. ورغم محاولة عمان منذ عهد السلطان السابق قابوس بن سعيد إلى تقديم نفسها على أنها دولة تحرص على توظيف أدوات الديمقراطية في النظام السياسي عبر تكوين مجلس عمان، يتكون من مجلس الشورى الذي يُنتخب أعضائه من الشعب ومجلس الدولة الذي يتم تعيين أعضائه بمرسوم سلطاني، إلا أنّ المجلس وإن كان يتم تقديمه في مناسبات عدة على أنه برلمان عمان، دوره السياسي لا يتجاوز الاستشارة، ويتاح له فرصة إقرار أو تعديل مشروعات القوانين لغير الوزارات السيادية.
ورغم بداية العملية الانتخابية لأعضاء مجلس الشورى منذ منتصف التسعينات، بعد تغيير مسماه من الاستشاري في بداية التسعينات، إلا أن الصلاحيات التي منحت له منذ ذلك الوقت لم تتجاوز الاستشارية. كذلك، وفي العقدين الأخيرين، شهدت عمان عددا من الحراكات الاحتجاجية، أشهرها احتجاجات 2011 التي رافقت مظاهرات الربيع العربي التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في ذلك الوقت. ورغم التعامل الحذر من السلطات اتجاه هذه المظاهرات، إلا أنها سرعان ما قامت بقمع المظاهرات بوحشية خاصة في صحار وصلالة. بعض عمليات القمع شهدت وقوع وفيات، إلى جانب عدد من الجرحى. كما أن المظاهرات والتي استمرت حتى مايو 2011، شهدت لاحقا نزول الجيش للشوارع وقمع كافة التظاهرات بالتعاوت مع القوات الخاصة للشرطة العمانية السلطانية.
الأمر لا يتعلق فقط بالمظاهرات وقمعها، بل كذلك الملاحقات الأمنية يتعرض لها العديد من الناشطين والكتاب والصحفيين، والتي يتمثل بعضها في التضييق والاعتقال والمنع من السفر. هذا النوع من الاستبداد وغياب اأي ملامح للديمقراطية يصحبه وجود قوانين قمعية في مختلف القوانين المحلية. المادة 116 من قانون الجزاء العماني تجرم أيّ نشاط متعلق بتكوين الأحزاب أو الجمعيات ذات الطابع الحقوقي. الجمعية الوحيدة الناشطة في المجال الحقوقي هي جمعية حكومية ويتم تعيين أعضاءها بمرسوم سلطاني.
كما تجدر الإشارة، إلى أن دور مجلس الشورى في القضايا الحقوقية ضعيف جدا ولا تُذكر له مساهمة في الدفاع عن حقوق المعتقلين أو بتحسين وتعديل القوانين بما يتوافق مع الاتفاقيات والعهود الدولية المرتبة بحقوق الإنسان، مع التنبيه إلى وجود عدد من الأصوات لأعضاء من الشورى، بصورة فردية وليس ممثلة للمجلس، كانت قد أبدت تضامنها مع عدد من القضايا مثل مسألة البطالة أو حتى تطوير أو تحديث القوانين. كما أن الشورى بصورة خاصة، أو مجلس عمان بصورة عامة، لا يوجد له أي أنشطة تثقيفية أو تعليمية مع المجتمع فيما يتعلق بحقوق الإنسان أو التوعية بأهمية العمل الديقراطي، خاصة فيما يتعلق بحماية الحريات وتعزيز مبادئ العدالة والمساواة وخطورة اسغلال السلطة وتمركزها.
إضافة إلى ذلك، واستنادا إلى النقاط التي دوّنها القرار A/RES/72/278 فيما يتعلق بالماساوة بين الجنسين وتمكين المرأة ومكافحة العنف ضدها، لا يوجد دورا يُذكر للمجلس في مسألة اقتراح تعديل أو تحديث القوانين فيما يخص نقل جنسية المرأة العمانية المتزوجة من غير عماني. فما زالت القوانين المحلية تمارس تمييزا ضد المرأة في هذا الجانب مقارنة بالرجل، وتضع عراقيلا كثيرة وشروطا معقدة من أجل أن تحصل على حق تجنيس أبناءها. ورغم أنه من الممكن أن يُعزى ذلك إلى ضعف تمثيل المرأة في مجلس الشورى عادة، والذي أسفر عنه في الانتخابات الأخيرة في أكتوبر 2023 إلى غياب كامل للمرأة عن المجلس، إلا أن الشق الأعلى لمجلس عمان، مجلس الدولة، والذي فيه نسبة ضعيفة كذلك من التمثيل النسائي، 18 من 86 عضوا، ذلك أن العضوية تكتسب بتعيين من السلطان نفسه، إلأا أن قضايا المرأة المذكورة أعلاه لا تزال لا تشهد أي تحسن في غياب تقديم المقترحات الفعالة، وغياب دور السيدات العضوات من أي دور حيوي في المجتمع وملامسة تطلعات المرأة فيه.
رغم أهمية البرلمانات في تمثيل الشعوب وإشراكها في صناعة القرار السياسي إلى جانب اختيار ممثليها السياسيين، إلا أن عمان من الدول التي تستغل هذه المؤسسات إلى تلميع صورتها الخارجية عبر إيهام المجتمع المحلي والدولي إلى وجود مؤسسات كهذه في عمان، والتي في الواقع لا دور حقيقي لها في العملية السياسية، ولا أنها وظائفيا تؤدي دور برلماني.