مبادئ باريس وحقوق الإنسان في عُمان

في عام 2008 أُنشئت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان بمرسوم سلطاني، 124/2008. تلقى عدد من الناشطين والمثقفين خبر إنشاء اللجنة بإيجابية، خصوصاً لأن “حقوق الإنسان” كمصطلح، غير معترف به في القانون العماني. كما أن الوضع الحقوقي في عمان كان ولا يزال من المواضيع الجدلية حيث تمر انتهاكات السلطات لحقوق الأفراد والجماعات دون محاسبة.

أوضحت اللجنة من خلال موقعها أن من ضمن اختصاصاتها متابعة حماية حقوق الإنسان ورصد الانتهاكات وتقديم مشورة للجهات المعنية في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان.

مظاهرات 2011، التي تمثلت في حراك احتجاجي واسع، كانت الاختبار الحقيقي الأول لدور اللجنة في الحقوق والحريات، لكنها فشلت في هذا الاختبار وفي ما تلاه من تداعيات.

هذا الفشل تمثل في:

        عدم دفاع اللجنة عن الحق في التظاهر والتجمع السلمي.

        تأييد رواية الحكومة وعدم الدفاع عن المعتقلين وعدم اعتبارهم معتقلي رأي.

        عدم الاعتراض على القوانين التي حُدِّثت والتي تمنع التجمع السلمي إلا بإذن من السلطات.

        عدم الاعتراض على القوانين التي تمنع أي نشاط حزبي ذي صفة سياسية أو حقوقية وتجرمه.

        تكرر خذلان اللجنة لمعتقلي الرأي حتى الآن وعدم تحركها من أجل الوقوف على قضاياهم وأسباب اعتقالهم وإكساب نشاطهم السلمي الحق في التعبير عن الرأي والإفصاح عن ذلك لعامة الناس وإدانة التعسف في معاقبة الناشطين والقمع المستمر.

اللجنة لا تتقيد بمبادئ باريس في عدد من النقاط، مثل:

        تعزيز حقوق الإنسان والحريات العامة والفردية.

        عدم تقديم دراسات أو توصيات بخصوص التنظيمات القضائية والتشريعات والنصوص الإدارية السارية بما يهدف إلى حماية حقوق الإنسان.

        تجاهل حالات الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة أو الأجهزة الأمنية.

الرئيس الحالي للجنة وإن كان قد عمل سابقا في جامعة السلطان قابوس، إلا أنه كان كذلك موظفا أمنيا عمل لشرطة عمان السلطانية وكذلك الإدعاء العام. والأمر نفسه ينطبق على عدد آخر من أعضاء اللجنة الذين عملوا في مؤسسات أمنية أو ليس لهم خلفية قانونية أو حقوقية. 

كما أنه في عمان لا يوجد نشاط للمجتمع المدني في الجانبين الحقوقي والسياسي، والقوانين المحلية، مثل قانون الجزاء العماني، يجرم إنشاء الجمعيات أو الأحزاب ذات أي طابع سياسي. 

ماينا كياي، المقرر السابق  الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، ذكر في مؤتمر صحفي أثناء زيارته عمان في سبتمبر 2014، أن عمان تستخدم الحفاظ على السلم والاستقرار العام كأساس منطقي لتقييد حقوق التجمع وتكوين الجمعيات.

 مظاهرات مايو  2021  التي شهدتها العديد من المدن العمانية مثل صحار وصلالة ونزوى وصور وعبري وغيرها، أوضحت مدى عجز اللجنة عن الدفاع عن حق حرية الرأي والتعبير، بعد أن تجاهلت إدانة الانتهاكات التي وقعت بحق المتظاهرين من جانب السلطات الأمنية.

عمان إحدى دول الشرق الأوسط التي يتمتع نظامها السياسي بالسلطة المطلقة، والحاكم أو السلطان يضع يده على العديد من المؤسسات ولديه العديد من المناصب، وهو ما ينتج نسخة لمركزية السلطة في أسوأ أشكالها.

برأيك، هل غياب استقلالية اللجنة الحقوقية الوطنية يؤثر في مصداقيتها؟

زر الذهاب إلى الأعلى