مشاكل البطالة والتسريح من العمل في عمان.

تعتبر مشاكل مثل البطالة أو فقدان العمل، من المشاكل المستمرة والمتكررة حول العالم، خاصة مع غياب نظام اجتماعي يوفر الدعم اللازم أو الكافي للمتضررين أو ضحايا هذه المشاكل. وتعتبر عمان، أحد الدول التي لا يتوفر فيها نظاما اجتماعيا يوفر حماية للعاطلين عن العمل، أو الفاقدين وظائفهم. كما أنه ولطالما شهدت عمان عددا من المظاهرات والاحتجاجات التي كانت أحد محركاتها الرئيسية هو البطالة والمطالبة بالوظائف وتحسين المعيشة. في يوليو 2023، أصدر سلطان عمان الحالي مرسوما سلطانيا رقم 52/2023 باسم قانون الحماية الاجتماعية. القانون شهد قبولا واسعا وكذلك جدلا في الوقت نفسه، وذلك لتضمنه بنودا تنص على تقديم المساعدة والدعم للعاطلين عن العمل، وكذلك المسرحين من أعمالهم، أي الفاقدين لوظائفهم سواء لأسباب تتعلق بإنهاء خدماتهم أو عقودهم، أو لأسباب تتعلق بإنهاء خدمات جهة العمل نفسها.

حسب تصريح لمسؤول حكومي، فإنه في بين عامي 2021/2022 بلغ عدد المسرحين عن العمل أكثر من 300 ألف عامل بينهم 7,500 عماني. حيث عزى المسؤول السبب إلى جائحة كوفيد! ولكن وإلى يومنا هذا لا زال العديد من العمانيين وكذلك عمال مهاجرين(وافدين) من جنسيات أخرى يتعرضون للتسريح من العمل. مع حلول محدودة تحاول السلطات تقديمها للحد من التداعيات السلبية، وهي ما لا تتوافق مع تطلعات الكثير من ضحايا التسريح. ورغم تصريح المسؤول بـأن القطاع الخاص سيشهد حركة اقتصادية كبيرة ستساهم في تطوير مختلف القطاعات الاقتصادية ونمو الناتج المحلي الإجمالي، مما يجعله قطاعاً جاذباً للباحثين عن العمل من العمانيين، إلا أن مشكلة التسريح إلى جانب البطالة، في تزايد مستمر.

إضافة إلى ذلك، وعلى عكس تصريحات المسؤول، فإن دراسة نشرت في 2022 أشارت إلى  أسباب عدة للتسريح من العمل، تضمنت جائحة الكوفيد كأحد الأسباب، ولكن ليست السبب الوحيد فقط. الدراسة ذكرت أن أول سبب للتسريح هو غياب العقود المتاحة بين الجهة التوظيف والعامل. كما أضافت الدراسة أسباب أخرى مثل: سن التقاعد، الحوادث أثناء العمل التي ينتج عنها إصابة جسدية، سياسة الشركات لتقليص حجم القوة العاملة لديها، استبدال العمل بالتكنولوجيا الحديثة، ونقص أجور العمال.

كذلك، تعتبر عمان من الدول التي لا توفر الدعم الكافي ولا حتى المستمر للعاطلين عن العمل وكذلك المسرحين من أعمالهم. ورغم أن السلطات توفر دعما ماديا لأسر الضمان الاجتماعي، وهي الأسر التي لا يوجد من أفرادها سواء الوالدين أو الأبناء من يعمل، وكذلك أسر الدخل المحدود التي يكون دخل معيلها الشهري لا يتجاوز قمية مالية محددة كل شهر، إلا أنه وكذلك في الوقت نفسه لا توفر السلطات أي مساعدة تذكر فيما يتعلق بالسكن ومصروفات الطاقة مثل الكهرباء والغاز أو حتى المياه. وحسب إحصاءات عام 2023 الرسمية، فإن العدد الإجمالي للسكان في عمان يبلغ أكثر من 5 ملايين. مع التذكير بنظام الإسكان الاجتماعي وما يتبعها من برامج إسكانية مخصصة لذوي الدخل المحدود وأسر الضمان الاجتماعي وغيرها من الفئات من تنطبق عليهم الشروط. 

أما فيما يتعلق بالبطالة والتسريح من العمل، وحسب قانون الحماية الاجتماعية، فإن المادة 6 أشارات إلى أن منفعة الباحثين عن عمل (العاطلون) لأول مرة أحد فروع المنافع الاجتماعية، كما أشارت المادة 7 إلى الأمان الوظيفي كأحد فروع التأمين الاجتماعي. صندوق الحماية الاجتماعية أشار إلى أن الأمان الوظيفي عبارة عن برنامج يؤمن دخلا مؤقتا لفاقدي وظائفهم لأسباب خارجة عن إرادتهم، على أن يشمل البرنامج إلزاميا كافة العمانين العاملين في عمان سواء بعقود دائمة أو مؤقتة أو عقود تدريب إلى جانب المتقاعدين الذين على رأس علهم. أما العاملين العمانيين خارج عمان فموضوع شمولهم اختياري. تم لاحقا في يوليو تمديد الاستفادة من منفعة الأمان الوظيفي من 6 أشهر إلى 12 شهرا، على أن يتم خفض قيمة المنفعة تدريجيا كل 4 أشهر، وهو ما يراه المسرحون على أنه تجاهل لوضعهم الاجتماعي خاصة أولئك المرتبطون بالتزمات مادية اتجاه عائلاتهم وأسرهم. 

ومع تزايد أعداد المسرحين عن أعمالهم في الفترة الأخيرة بالإضافة إلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل، فإنه وحسب تقديرات نشرت في يونيو 2024، فقد تزايد معدل البطالة إلى ما نسبته 3.6%. مع العلم، أن عمان وفي سنوات عدة مختلفة شهدت مظاهرات واحتجاجات للعاطلين عن العمل إضافة إلى المسرحين عن العمل، كان آخرها في مايو 2021. حيث طالب المتظاهرون حينها بتوفير وظائف وكذلك إلى وضع حد لمشاكل التسريح وتشريع القوانين التي تمنع الشركات من استغلال العمال، مع فرض القوانين والتشريعات التي تساهم إلى وضع إلى إفلات هذه الشركات من العقاب. 

هذا ويدعو المركز إلى ضرورة تدارك مشكلة البطالة في عمان، على أن يشمل ذلك تقديم برنامج متكامل يشمل تغطية جوانب عدة مثل السكن والطاقة والبدل حتى يتحصل العال على وظيفة سواء مؤقتة أو دائمة، مع الإشارة إلىضرورة توفير الدعم اللازم في حالة تدني الأجر، مع العلم، أن السلطات في عمان حددت الحد الأدنى للرواتب على أن لا يقل عن 325 ر.ع، أي ما يعادل 845$. كما أن المسرحين واجهوا في مناسبات عدة تحديا متعلق بالعمر، حيث يتم رفض توظيفهم أو قبولهم لوظيفة جديدة بسبب العمر. 

كما يدعو المركز كذلك إلى مراعاة ظروف المسرحين بطريقة تلائم أكثر أوضاعهم المادية السابقة قبل فقد الوظيفة، خاصة إولئك الذين يعانون من تداعيات فقدان الوظيفة المتمثلة في تراكم المديونيات والمسؤوليات الاجتماعية. مع العلم، أنه في حالة التعثر أو فقدان الوظيفة، فإن الضحايا يعانون من مطالبات البنوك إلى تسديد القروض وذلك لعدم شمول التأمين لتغطية القروض.

زر الذهاب إلى الأعلى