الموضوع: دور التكنولوجيا في مكافحة إتجار البشر

يحتفل العالم في الــ 30 من يوليو من كل عام بيوم الأمم المتحدة العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر.
المادة 3، الفقرة (أ) من بروتوكول اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة، تعرف الاتجار بالأشخاص بأشكاله المختلفة، والتي من ضمنها تجنيد الأشخاص أو نقلهم وتحويلهم أو إيواؤهم بدافع الاستغلال أو حجز الأشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو الابتزاز أو إساءة استخدام السلطة أو استغلال مواقف الضعف أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا بدافع السيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الحد الأدنى من الاستغلال، استغلال الأشخاص في شبكات الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي أو العمالة المجانية والسخرة أو العمل كخدم أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو استعباد الأشخاص بهدف الاستخدام الجسماني ونزع الأعضاء.
للتكنولوجيا تأثير بالغ الأهمية على الاتجار بالبشر،وذلك لما يترتب عليه من تحديات وفرص متعددة. على الرغم من إمكانية إساءة استخدام التكونولوجيا لتسهيل الاتجار، إلا أن الأدوات التي يمكن أن تقدمها لمكافحة هكذا جريمة تعتبر قيمة جدا. حيث توفر التكنولوجيا تسهيلات تساعد في التحقيقات والمحاكمات ورفع الوعي ودعم الضحايا، بالإضافة إلى التثقيف والتعليم لما يساعد في فهم شبكات الاتجار. ولكن فاعلية القضاء على الاتجار بالبشر في جميع أشكالها تعتمد وبشكل كبير على استعداد البلدان والمجتمعات في استثمار التكنولوجيا ومدى قدرتها في تطوير هذا الاستثمار.
استنادا على عدد من الأبحاث، فقد ثبت بالأدلة القاطعة مدى استخدام مهربو البشر للتكنولوجيا لأغراض إجرامية متعددة، مثل: تجنيد الضحايا والسيطرة عليهم وكذلك استغلالهم. ومن الأسباب الرئيسية التي تجعل المهربين يستخدمون التكنولوجيا:
- التخفي وزيادة مجهولية المستخدمين على الإنترنت: يتقن الجناة ومعاونوهم إخفاء الهويات وكذلك زيادة مجهولية المستخدمين على الإنترنت، وذلك باستخدام تطبيقات مشفرة وشبكات غير معرفة للتواصل. كما يتم استخدام حسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي لغرض تجنيد الضحايا، وذلك لما تتيحه آلية استخدام العملات المشفرة من إجراء المعاملات المالية بشكل مجهول.
- تيسيرآلية تجنيد الضحايا واستغلالهم: استخدام المنصات الإلكترونية يُتيح للمهربين فرصة لاستهداف أي ضحية محتملة، والوصول إلى بيانات الضحية الشخصية.
- تيسير توسعة سوق التهريب: يُساهم الاستخدام الغير لائق للتكنولوجيا إلى تيسير عمليات الاتجار بالبشر من خلال تنفيذ معاملات مع مستخدمين جدد في أماكن متعددة تساعد على توسيع النشاط الإجرامي في هذا المجال. وأحد الأمثلة على هذا الاستغلال هو الاتجار الجنسي الذي عادة ما يكون ضحاياه النساء والفتيات اللواتي يمثلن ما نسبته 94% من ضحايا هذا المجال.
- توسيع وسائل السيطرة على الضحايا واستغلالهم: ينتج عن الاستخدام السيء للتكنولوجيا وبعض التقنيات المخصصة كذلك إلى زيادة السيطرة على الضحايا وإكراههم على عمل ما. حيث ازدادت في الفترة الأخيرة عمليات استخدام برامج تحديد المواقع في مراقبة الضحايا وحركتهم، وكذلك استخدام تقنية المراقبة عن بعد، بتقنية الفيديو، للإشراف ومتابعة عمل الضحايا بغرض االاستعباد المنزلي. كما يتم استخدام وسيلة التهديد بنشر صور للضحايا في وضعيات جنسية معينة من أجل غرض الاتجار الجنسي.
وقعت عُمان بروتوكولين لحماية الأطفال من الاشتراك في النزاعات المسلحة واستغلالهم في البغاء وإنتاج المواد الإباحية، وأُصدر مرسوم سلطاني (رقم 126/2008) لقانون مكافحة الاتجار بالبشر، وأنشئت لجنة مختصة بذلك، إلا أن عدداً من القضايا التي تابعها المركز وأخرى نشرتها منظمات أخرى، تبين أنه يجري في عمان استغلال العمالة المنزلية والعمالة الوافدة بشكل ملحوظ، وأن القوانين العمانية عاجزة عن حمايتهم من الاستغلال والاتجار!
ومن ناحية أخرى فإن هذه العمالة، تحت نظام “الكفالة” تواجه أوضاعاً مزرية برواتب أدنى من أدنى تكاليف المعيشة الواجب مراعاتها حفاظاً على كرامة البشر وعدم الاتجار بهم، أو يتقاضى منهم كفلاؤهم مبالغ شهرية نظير حصولهم على الإقامة. هذا ما يراه نشطاء عمانيون على وسائل التواصل الاجتماعي.
في تقرير الخارجية الأمريكية الأخير المعني بالاتجار بالبشر، استمر مركز عمان في المستوى الثاني فقط. ورغم أن التقرير أثنى على جهود الحكومة العمانية في مكافحة الاتجار بالبشر، ذكر أن حكومة عمان لا تلبي تماما الشروط الدنيا لمعايير القضاء على الاتجار بالبشر.
حسب تقارير وشكاوى استلمها المركز، فإن السلطات لا تتعامل مع قضايا عاملات المنازل أو حتى العمالة المهاجرة على نحو جادّ، خصوصاً قضايا أولئك الذين يتعرضون للاستغلال من خلال القيام بأعباء أكثر من وظيفة دون زيادة في الراتب، أو أولئك الذين يُتفق معهم على أجر معين، ومن ثم يحصلون على أجر أقل. كثير من عاملات المنازل ما زلن يشتكين من عدم جِدّ السلطات في التعامل مع قضايا التحرش الجنسي، أو تحويل/نقل كفالتهن من شخص إلى آخر دون استئذانهن.
يوصّي المركز وبشدّة وكذلك يدعو السلطات العمانية أو المشرع، إلى ضرورة التخلص من قانون الكفالة واستبداله بقوانين تتوافق مع القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وكذلك يوفر الحقوق الدنيا للعمالة المهاجرة وخاصة عاملات وعمّال المنازل، أو العمّال الذين يشغلون وظائف دنيا ذات أجور متدنية ولا يتم توفير المستوى المعيشي الذي قد يحميهم من أيّ انتهاكات ضدهم.
ملاحظة: كافة محتوى هذا التقرير مستمدة من : https://icat.un.org/sites/g/files/tmzbdl461/files/human_trafficking_and_technology_trends_challenges_and_opportunities_web.pdf