
القيود على حرية المعتقد في عُمان
تُعدّ حرية العقيدة أو المعتقد من الحقوق الأساسية المكفولة لكل إنسان، وتشكل حجر الأساس في بناء مجتمع عادل وشامل يحترم التنوع ويصون الكرامة الإنسانية. ويقتضي هذا الحق تمكين كل فرد من التعبير عن معتقداته، سواء كانت دينية أو فلسفية أو علمانية، دون أن يتعرض لأي شكل من أشكال الاضطهاد أو التمييز. وتُكرّس الحماية القانونية لهذا الحق في العديد من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما يضمن للفرد حرية اختيار معتقده وممارسته دون تدخل تعسفي. وتُسهم كفالة حرية العقيدة في ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز التفاهم المتبادل والتعايش السلمي بين مختلف الأفراد والمجتمعات.
نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الـــ 18 على أنه:
“لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.”
تُعدّ عمان من الدول التي لا يتمتع فيها الأفراد بحرية المعتقد أو الحرية الدينية. فقد شهد العديد من الأفراد الذين أعلنوا توجهاتهم اللادينية علنًا أو انخرطوا في نشاطات فكرية حول الإلحاد، حالات من الاعتقال والسجن، وفي أحسن الأحوال، التحقيق. تنص المادة (2) من النظام الأساسي للدولة على أن عمان دولة دينية وأن الإسلام هو أساس التشريع، وهو ما يتفق مع التحدي الثالث الذي تمت مناقشته سابقًا حول فرض الدول أو الحكومات أديانًا أو حتى مذاهب معينة. وقد أدى هذا التحدي إلى وجود قوانين التجديف والتكفير، مثل المادة (269) من قانون الجزاء التي تعاقب بالسجن من 3 إلى 10 سنوات لكل من يشارك في أنشطة يمكن للقائمين على القانون تفسيرها بأنها معادية للدين أو تمس القيم الدينية.
مذهبيًا، استدعت السلطات الأمنية في عمان عددًا من الكتّاب في فترات سابقة بسبب نشرهم مقالات تتناول جانبًا من التاريخ المذهبي. مؤخرًا، وتحديدًا في يونيو الماضي، اعتقلت السلطات عددًا من المواطنين من ولاية طاقة بمحافظة ظفار بسبب أدائهم صلاة عيد الأضحى وفق توقيت مخالف للتقويم الرسمي للبلاد. وقد اتسعت دائرة الاعتقالات والاستدعاءات لاحقًا لتشمل المتعاطفين مع المعتقلين أو الرافضين للاعتقال. كما يحتوي الباب الأول من الفصل الثامن من قانون الجزاء العماني على مواد تجعل أي نشاط متعلق بحرية الفكر والدين أمرًا شبه مستحيل، نظرًا لشدة العقوبات التي يفرضها القانون على كل من ترى السلطات أنه يخالف النظام العام.
ساهمت طبيعة هذه التشريعات، للأسف، في تصاعد نبرة عدم التسامح تجاه من يطرح وجهات نظر مختلفة، ليس فقط فيما يتعلق بالدين الإسلامي، بل كذلك في أي انتقاد للمذهب الرسمي للدولة، الإباضي. وكان من ضحايا هذه القوانين الناشط والدبلوماسي الراحل حسن البشام، الذي حُكم عليه بالسجن 3 سنوات وتوفي أثناء قضائه مدة السجن. كذلك، جاءت قضية “مساحات غيث” التي شملت 4 أفراد: علي الغافري، مريم النعيمي، عبدالله حسن، وغيث المقبالي. وقد أسقطت التهم عن بعضهم، بينما ثبتت على مريم التي أُفرج عنها بعفو سلطاني خاص في إبريل 2023. أما علي الغافري، الذي سلّم نفسه طواعية إلى السلطات في نوفمبر 2022، حصل لاحقًا على عفو وأُفرج عنه في أبريل 2024 خلال احتفالات عيد الفطر.
يعد النشاط الديني وحرية المعتقد في عمان من المخاطر التي قد تنتهي بعقوبات سجن قاسية، خاصة مع تصاعد النبرة العدائية من قبل بعض رجال الدين المعروفين والمهمين، مثل مفتي السلطنة العام الشيخ أحمد الخليلي وغيره. ويرى المركز أن التشريعات التي تدين أي نشاط يتعلق بحرية الدين والمعتقد هي أحد الأسباب الرئيسية وراء غياب التسامح في عمان، ويدعو السلطات بصورة عاجلة إلى ضرورة إلغاء هذه القوانين أو تعديلها بما يوفر بيئة آمنة للنشاط الفكري، وبما يتوافق مع قوانين حقوق الإنسان الدولية.