الاختفاء القسري

حسب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري فإن المقصود من “الاختفاء القسري”:
“الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون.“
حسب الأمم المتحدة، فإن الاختفاء القسري أصبح اليوم مشكلة عالمية عامة ولا يتعلق بمنطقة أو دولة ما بعينها. كما أن أحد أشكاله هو استخدامه كوسيلة للضغط السياسي على الخصوم.
للأسف في عمان، يواجه الناشط الحقوقي، أو أي فرد ذو آراء أو توجهات فكرية معارضة للسلطة، مضايقات مستمرة من جهاز الأمن الداخلي (المخابرات)، والتي تتمثل في عدة أشكال، منها الإخفاء قسريا، وذلك عبر الاتصال بالضحية للتحقيق، ومن ثم يتم احتجازه في مكان غير معروف، ولا يسمح للضحية بالتوتاصل مع ممثله القانوني أو عائلته.
عناصر الاختفاء القسري الثلاث التي تشكل خطر على الضحايا هي كما يلي:
- الحرمان من الحرية ضد إرادة الشخص المعني؛
- ضلوع مسؤولين حكوميين، على الأقل بالقبول الضمني؛
- رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده.
في إبريل 2020، وافقت عمان على الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري مع تحفظ وحيد على الفقرة 1 من المادة 42.
حسب مراقبة المركز، فإن الانضمام خطوة أساسية لإنهاء تاريخ طويل من الاخفاء القسري الذي تمارسه السلطات ضد الناشطين والمعارضين في الداخل.
الفقرة 1 من المادة 17 تنص على أنه “لا يجوز حبس أحد حبسا انفراديا/أو وضعه في مكان مجهول”.
لا يوجد اختلاف بين عهد السلطان السابق، قابوس بن سعيد، وعهد السلطان الحالي، هيثم بن طارق، فالسلطات الأمنية تقوم باستدعاء أفراد أو اعتقالهم واحتجازهم أو وضعهم في زنازين انفرادية، وفي أماكن غير معلومة.
عادة، يُستدعى الأفراد للقيادة العامة في القرم بمحافظة مسقط، أو غيرها من الدوائر التابعة لها في المناطق الأخرى خارج مسقط. ثم يُوضَع كيس أسود لتغطية رأس المحتجز والجزء العلوي من جسده ومن ثم يُقاد إلى مكان مجهول!
عادة ما يُنتهَك البند “د” من الفقرة 2 للمادة 17، حيث لا يُسمَح للمحتجز بالاتصال بمحاميه أو ممثله القانوني، أو تلقي الزيارة، حيث إن السلطات وفي حالات محدودة تسمح للمحتجز بالاتصال هاتفياً بعائلته فقط، وذلك لإجباره على إخبارهم بأنه سيتغيب فترة محدودة وأنه لا داعي للقلق عليه!
في حالة تحويل المحتجز للمحكمة أو إطلاق سراحه، فإنه لا يسمح له بمقاضاة من حرموه حريته ولا بمحاسبتهم على منعهم إياه من ممارسة حقوقه أثناء الاحتجاز، على عكس المادة 18.
العناصر الأمنية الذين يتولون مهمة التحقيق مع المحتجزين لا يكشفون عن هوياتهم الحقيقية ولا عن رتبهم الوظيفية.
الجنود الذين يتولون عملية نقل المحتجز من غرفة/زنزانة الاحتجاز إلى غرف التحقيق وغيرها، عادة ما يضعون قناعا على وجوههم لا يسمح للمعتقل بمعرفة أشكالهم أو هوياتهم الحقيقية.
السلطان الحالي أصدر في مارس 2020 مرسوم قانون جهاز الأمن الداخلي، وهو الجهة المتورطة فعليا في كل حالات الاختفاء القسري السابقة والحالية أو في معظمها.
رغم انضمام عمان للاتفاقية، إلا أنها لا زالت تمارس الإخفاء القسري ضد الناشطين.وهو ما يواجهه عادة معتقلي أو محتجزي قضايا الرأي، مثلما حدث مؤخرا في قضية اعتقال أفراد من قبيلة المعشني في محافظة ظفار، وكذلك اعتقال الناشط سعيد جداد، وكلا القضيتين تم تحويلهما لاحقا للمحاكمة.
حسب عدد من البلاغات التي تلقاها المركز، فإن العديد من المواطنين تم استدعائهم للتحقيق واختفوا قسريا فور وصولهم للقسم الخاص، الجهة التنفيذية بين الإدعاء العام وجهاز الأمن الداخلي. عادة من يقوم بالتحقيقات في القسم الخاص موظفون تابعون لجهاز الأمن الداخلي. لا يسمح للمعتقل فترة اعتقاله للتحقيق بالتواصل مع ممثله القانوني، ويسمح لهم عادة، وليس في كل الحالات، بإجراء اتصال وحيد لإبلاغ أسرته بأنه سيتغيب لبعض الوقت!.
هل تعتقد أن عمان بعد موافقتها على الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ستسمح للمتضررين برفع دعاوى أمام القضاء لمحاسبة المتورطين؟