التقرير السنوي للحالة الحقوقية في عمان 2017

لا تسمح لأحد أن يجعل من حقوقك ليس أولوية.
الانتهاكات الحقوقية، أحد أكثر التحديات خطورة التي يواجهها الناشطين والكتّاب والصحفيين في كافة مناطق العالم، حتى تلك التي تتبنى الأنظمة السياسية الحضارية. لكنّ في الشرق الأوسط الانتهاكات الحقوقية أصبحت حالة متعارف عليها كحوادث يومية. المركز العماني لحقوق الإنسان، ومنذ 2013 اتخذ على عاتقه مهمة توثيق الانتهاكات ونشرها في تقرير سنوي، في محاولة لتوثيق هذه الانتهاكات للتاريخ، وإنشاء مرجعية في حالة احتاج الباحثون أو المهتمون لها. وكذلك، من إيماننا العميق أنّ توثيق هذه الانتهاكات هي كتابة لتاريخ وسيرة حقوق الإنسان، وطريقة فعالة لمراقبة سير هذا التاريخ.
يقدّم المركز تقريره السنوي الرابع على التوالي، هذه المرّة لــ عام 2017 وما تضمنته من انتهاكات، مع الإشارة إلى أنه ولرغبة بعض ضحايا هذه الانتهاكات، فإن التقرير لن يتطرق إلى ذكر بعض القضايا.
حريات المعتقد والدين والإلحاد:
- عبدالله حبيب:
تكرر مشهد تأجيل محاكمة الكاتب والناقد السينمائي عبدالله حبيب منذ يناير الماضي وحتى نشر هذا التقرير، وكان كلما يأتي موعد جلسة مؤجلة يؤجل مرة أخرى إلى موعد آخر للحكم. وكان عبدالله قد حكم عليه في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بالسجن 3 سنوات، وغرامة 2000 ر.ع (5200$)، وكفالة 1000 ر.ع (2600$) في حالة الاستئناف، في تهم تتعلق بازدراء الدين ونشر الكراهية والتجديف في الذات الإلهية، وكذلك بمخالفة المادة 19 من قانون جرائم تقنية المعلومات والمتعلقة باستخدام تقنية المعلومات فيما شأنه الإخلال بنظام الدولة العام. وحتى موعد نشر هذا التقرير، لا زال التأجيل سيد الموقف.
- حسن البشّام:
ألغت المحكمة العليا يوم 17 يناير الماضي حكم محكمة الاستئناف على الناشط والدبلوماسي السابق حسن البشام، وأمرت بإعادة أوراق الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتفصل فيه من جديد بهيئة مغايرة، ولكن الاستئناف يوم 19 نوفمبر أكدت حكم الابتدائية السابق الذي كانت العليا قد ألغته!
وكانت محكمة مسقط الابتدائية حكمت على البشام في الــ 8 من فبراير/شباط بالآتي:
– التجديف علانية على العزة الإلهية (السجن 3 ثلاث سنوات، غرامة 500 ر.ع (1300 $)).
– إعابة ذات السلطان (السجن 3 ثلاث سنوات، غرامة 500 ر.ع (1300 $)).
_ استخدام الشبكة المعلوماتية في ما من شأنه المساس بالقيم الدينية (السجن سنة والغرامة 1000 ر.ع(2600$)).
وهي الأحكام نفسها التي أيدتها الاستئناف لاحقا في الــ 13 من يونيو/حزيران 2016.
حرية الرأي والتعبير والنشر:
- حمود الشكيلي:
الحكم على الكاتب والقاص حمود الشكيلي يوم 18 يناير، بتأكيد الحكم السابق الصادر من المحكمة الابتدائية مع وقف التنفيذ. وكان الشكيلي قد حُكم عليه في محكمة مسقط الابتدائية (درجة أولى) بالسجن 3 سنوات، وغرامة 1000 ر.ع ( 2600$)، ومبلغ 5000 ر.ع ( 13000$) كفالة، بعد إدانته باستخدام تقنية المعلومات في نشر ما من شأنه الإخلال بالنظام العام.
- بدر الشيباني:
الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وبتوجيهات من رئيس الهيئة الدكتور عبدالله الحراصي، تأمر يوم 5 يناير بإقصاء الإعلامي العماني بدر الشيباني عن برنامج إذاعي، بعد إذاعته تقريرا إذاعيا عن تجارة الجنس في عمان.
- منصور المحرزي:
أصدرت محكمة مسقط الابتدائية يوم الثلاثاء 23 مايو حكمها بسجن الكاتب منصور المحرزي 3 سنوات وغرامة 500 ر.ع (1300$). كما حُدِّد مبلغ 2000 (5200$) كفالة في حالة استئناف الحكم، وذلك بعد أن وُجهت إليه تهم الإعابة في الذات السلطانية والنيل من هيبة الدولة.
منصور المحرزي كاتب عماني وصدر له كتابان، الأول عام 2014 بعنوان: الدولة والمجتمع في عمان (منذ عصر النباهنة وحتى العصر الحديث)، وكتاب آخر في 2016، بعنوان: عمان في مربع الفساد، السياسة والتنمية والتخلّف (كشف الوقائع ونقد المسلمات). لكن الكتاب الأخير سُحب لاحقا من الأسواق، والذي يعتقد المركز أنه السبب الرئيس الذي أدى إلى اعتقال منصور، حيث أنه وحسب معلومات للمركز، فقد سُلم الادعاء العام نسخة من الكتاب، من شخص مجهول الهوية ادّعى أنه اشتراه من معرض الشارقة الدولي، وهو الأمر الذي نفاه محامي منصور حيث أفاد المحكمة بعدم وجود الكتاب في معرض الشارقة ولا أيّ معرض كتاب آخر، وطلب محامي منصور من قاضي الجلسة حضور الشخص الذي سلّم الكتاب إلى الادعاء العام كشاهد، وهو ما رفضه القاضي يوسف الفليتي، الذي أصدر الحكم أعلاه.
- سحب كتابين من معرض مسقط الدولي للكتاب (فبراير-مارس 2017):
قامت إدارة معرض مسقط الدولي للكتاب (الدورة 22) بسحب إصدارين من المعرض، وهما: كتاب مجلة مواطن (عمان تحديات الحاضر ومآلات المستقبل، 2016) وإصدار شعري للشاعر أحمد العريمي (لك لا ولاء، 2017). رغم أن إصدار مجلة مواطن كان موجوداً في معرض الكتاب السابق 2016.
ويعتقد المركز أن السبب الرئيسي هو محتوى الكتابين، حيث يتضمن كتاب مجلة مواطن عددا من الحوارات والمقالات التي تعبر عن آراء وأفكار تنتقد أداء السلطة، كما يتضمن ديوان (لك لا ولاء) الشعري نصا طويلا به العديد من العبارات والأفكار التي تنتقد الحكومة. وزارتا الإعلام والثقافة والتراث لم تُعلقّا على قرار السحب، ولم تُدن جمعية الكتّاب والأدباء الحادثة!
- أحمد البحري:
احتجز جهاز الأمن الداخلي العماني “المخابرات”، المعلم والناشط في المجال الثقافي أحمد البحري، وذلك بعد استدعائه للتحقيق نهار الاثنين، 17 أبريل/نيسان 2017. بسبب نشره مشاركة عبر صفحته الخاصة في الفيس بوك، ينتقد فيها انتشار سيارات الدفع الرباعي للشرطة العمانية على شوارع محافظة البريمي – حيث يسكن أحمد- حيث اعتبر أن طريقة انتشارها تحجب الرؤية وتسبب الزحام. وأطلق سراح “البحري” لاحقا في 16 مايو دون توجيه أيّة تهمة إليه.
- خالد الرمضاني:
اعتقلت السلطات العمانية المواطن خالد الرمضاني يوم السبت 15 أبريل/نيسان 2017، بعد أن أوقف عند منفذ وادي الجزي الحدودي البري، وحُوّل نهار الاثنين 17 أبريل/نيسان 2017 إلى القسم الخاص في محافظة مسقط. ويعود سبب الاعتقال إلى عدد من المشاركات نشرها خالد عبر صفحته في الفيس بوك ينتقد فيها الحاكم والنظام والفساد، كما أن خالد استدعي سابقا مرّات عدة للتحقيق لنفس السبب. أطلق سراح خالد لاحقا في 24 أبريل دون توجيه أيّة تهمة إليه.
- خالد الراشدي:
شهدت محكمة مسقط الابتدائية يوم الثلاثاء 19 ديسمبر، أولى جلسات محاكمة خالد الراشدي، الإعلامي السابق وموظف في جهاز الرقابة الإدارية والمالية، حالياً بتهمة مخالفة المادة 19 من قانون جرائم تقنية المعلومات، بسبب تغريدات له على حسابه الخاص في تويتر، انتقد فيها ممارسات إجرائية لمؤسستين حكوميتين: وزارتي الداخلية و الإسكان، دون تسمية الوزارتين، وهو ما اعتبره الادعاء العام العماني تجاوزا على موظفي الوزارتين. ترأس جلسة المحاكمة القاضي يوسف الفليتي، الذي حجز القضية للحكم في يوم 2 يناير 2018.
حرية الصحافة:
- فاطمة العريمي:
سحبت وزارة الإعلام العمانية يوم 12 يناير رخصة تمثيل وكالة رويترز من الصحفية فاطمة العريمي، بعد نشر الوكالة خبرا عن طلب عُمان وديعة بمليارات الدولارات من دول الخليج العربي، الأمر الذي نفته حكومة عمان.
- جريدة الزمن:
أصدرت المحكمة العليا في عمان يوم 5 أكتوبر الماضي قرارا نهائيا بغلق جريدة الزمن. وكان الادعاء العام العماني في يناير الماضي قد طعن في حكم إلغاء قرار الإغلاق الصادر من محكمة الاستئناف يوم 26 ديسمبر 2016. قضية جريدة الزمن التي بدأت فصولها في يوليو 2016 –ارجع إلى التقرير السنوي 2016- تعرضت للإغلاق وكذلك الحكم النهائي بسجن اثنين من صحفييها. أُطلق سراح إبراهيم المعمري لاحقا في مايو من هذا العام، ويوسف الحاج في 23 أكتوبر الماضي. وكان وزير الإعلام عبدالمنعم الحسني الذي أصدر قرارا بإغلاق الجريدة ووقف تداولها يوم 9 أغسطس 2016، كرّر إصدار وقف تداول الزمن ومنعها كل 3 أشهر، منذ يناير حتى يوم صدور قرار المحكمة العليا –خصم جريدة الزمن في القضية- بإغلاق الزمن نهائيا.
- مجلة مواطن:
قامت السلطات المختصة في عمان يوم 3 مايو الماضي بحجب موقع مجلة مواطن الإلكترونية، تزامنا مع إعلان مواطن عودتها إلى النشر مجددا في يوم الصحافة العالمي 3 مايو. وكانت مواطن قد أعلنت سابقا في 14 يناير 2016 توقفها عن العمل بعد تكرر تعرض عدد من العاملين فيها لمضايقات أمنية، لتقرر لاحقا العودة إلى نشاطها. كما تعرض سابقا مؤسسها ورئيس تحريرها محمد الفزاري، لمضايقات أمنية في عمان تمثل آخرها في سحب جواز سفره ووثائقه الشخصية بعد منعه من السفر، قبل قراره الرحيل من عمان في يوليو/تمّوز 2015 والاتجاه إلى المملكة المتحدة لطلب اللجوء السياسي. لا زالت موقع المجلة محظورا حتى موعد نشر هذا التقرير.
التضييق على النشطاء:
- قامت السلطات الأمنية العمانية يوم 29 يناير بمنع أسرة محمد الفزاري -رئيس تحرير مجلة مواطن- من السفر، وسحب وثائقهم الشخصية. وكانت زوجة الفزاري الكاتبة بدرية المعمري متوجهة إلى مطار دبي نفس اليوم، ومعها طفليها للسفر إلى المملكة المتحدة، حين اعترضتها سيارة شرطة وسحبت منها وثائقها الشخصية ووثائق أطفالها وأمرتها بالعودة والحضور اليوم الثاني لــ القسم الخاص -الجهة التنفيذية بين جهاز الأمن الداخلي (المخابرات) وبين الادعاء العام- في مسقط. ولم تكن هذه المرّة الأولى التي تتعرض فيه زوجة الفزاري للمنع من السفر.
- سحب جهاز الأمن الداخلي جوازات سفر عدد من النشطاء العمانيين، وقد أعلن بعضهم فقط عن الأمر فيما فضّل البعض الآخر الصمت خوفا من أي إجراءات كيدية أخرى قد يتبعها جهاز الأمن الداخلي ضدهم. هلال البوسعيدي، أحد معتقلي الرأي في قضية الرأي الشهير “الإعابة” عام 2012، وكذلك اعتقل لاحقا في ديسمبر 2014 بعد اختطافه من مدينة العين الإماراتية وتسليمه للسلطات العمانية، لا زال بلا جواز سفر منذ آخر اعتقال له. ورغم مطالبته المستمرة بضرورة استعادة جواز سفره لغرض العلاج، إلا أن جهاز الأمن الداخلي رفض إعادة الجواز إليه حتى وقت كتابة هذا التقرير.
كذلك الكاتب حمود الشكيلي، والذي اعتقل في أغسطس 2016 بسبب قصيدة نشرها على صفحته الخاصة في الفيس بوك، تم سحب جواز سفره منه في 7 فبراير، بعد أن منع قبلها من السفر، رغم انتهاء قضيته في محكمة الاستئناف يوم 18 يناير. ورغم مطالبات حمود باستعادة جواز سفره، إلا أنّ الأمن الداخلي لا زال يحتفظ بالجواز إلى الآن.
حرية التجمع السلمي:
- عماد الفارسي أول مواطن عماني يتظاهر أمام سفارة أمريكا في مسقط عاصمة عمان، يوم 7/12/2017 ضد القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل. اختطفته السلطات الأمنية إلى مركز شرطة بوشر، وتم التحقيق معه لساعات، منعا لقيام أية تظاهرة أخرى. أفرج عنه بعد ذلك بعد توقيعه على تعهد بعدم التظاهر مجددا. عماد من مواليد1980، مدينة صور (محافظة الشرقية جنوب).
اللجوء إلى الخارج:
شهد عام 2017 حالتي لجوء سياسي إلى المملكة المتحدة لناشطين عمانيين، هما الكاتب معاوية الرواحي، والناشط الحقوقي السابق سعيد جداد.
وكان معاوية الرواحي قد قضى فترة عام وشهر في أحد سجون الإمارات، قضى 100 يوم منها في سجن انفرادي، قبل أن يُنقل إلى سجن الوثبة ليقضي بقية المدة فيه، وأطلق سراحه لاحقا في مارس 2016. لكنه قرر بعد ما يقرب من العام الخروج من عمان واللجوء إلى المملكة المتحدة في فبراير، خوفا من تهم كيدية قد يبتزه جهاز الأمن الداخلي في عمان بها، كما تعرّض قبلها إلى الفصل تعسفيا من جهة عمله السابقة – شؤون البلاط السلطاني- رغم تقديمه ما يثبت حول حالته الصحية النفسية، ودون إعطاءه حق التقاضي ضد قرار الفصل.
أما الناشط الحقوقي السابق سعيد جداد، فقد تعرض للسجن أكثر من مرة في عمان، وفي سجون مختلفة (مسقط وصلالة). خرج من السجن يوم 26 أغسطس 2016، ولكنه منع من السفر بعد ذلك. قرر سعيد في مارس الماضي الخروج من عمان واللجوء إلى المملكة المتحدة لضمان سلامته الشخصية وحريته وعدم تعرضه للاعتقال والسجن مجددا.
إطلاق سراح:
- أطلقت السلطات الأمنية، يوم 10 إبريل سراح الكاتب ورئيس تحرير الزمن، إبراهيم المعمري، بعد أن قضي محكومية السجن 6 أشهر بسبب التقرير الصحفي الذي نشرته جريدة الزمن “المُغلقة” باسم جهات عليا تغل يد العدالة.
- السيناريست والروائي، ومدير تحرير الزمن، يوسف الحاج، تم إطلاق سراحه يوم 23 أكتوبر، بعد قضاء محكومية السجن سنة، بسبب نشر جريدة الزمن المغلقة تقريرا عن فساد في المؤسسة القضائية، وكذلك إجراءه مقابلتين مع نائب رئيس المحكمة العليا، علي النعماني، الذي أثبت وجود الفساد.
حقوقك ليست جريمة، الجريمة منعك من ممارستها!