loader image

حقوق العمالة المهاجرة/الوافدة

العمل النقابي:

ينص قانون العمل على حق العمال في تشكيل النقابات والانضمام إليها، بالإضافة إلى حقهم في المفاوضة الجماعية وتنظيم الإضرابات القانونية، مع حظر أي تمييز ضد النقابات. تنص المادة 108 من قانون العمل على حق العمال في إنشاء نقابات عمالية تهدف إلى رعاية مصالحهم، الدفاع عن حقوقهم، وتمثيلهم في الاجتماعات العامة، مع منح هذه النقابات الشخصية الاعتبارية المستقلة. بالإضافة إلى ذلك، تضمن القانون، عبر المادة 111، حظر فصل أي عامل من ممثلي العمال في النقابات بسبب ممارستهم لنشاطهم النقابي.

ومع ذلك، يظل انضمام العمالة غير العمانية للنقابات مصدر قلق، وفقاً لمصادر المركز من بعض النقابات. حيث يتخوف العديد من العمال الوافدين من الانضمام إلى النقابات خشية التعرض للفصل التعسفي. وتُظهر الشكاوى أن بعض حالات الفصل كانت تُبرر بأسباب مثل ضعف الأداء الوظيفي أو التحديات المالية التي تواجه الشركات. ومع ذلك، تشير مصادر المركز إلى أن العديد من حالات الفصل كانت مرتبطة في الواقع بانضمام العمال إلى النقابات، خصوصاً أولئك الذين يعبرون عن رفضهم للإجراءات غير العادلة في بيئة العمل. كذلك يفرض القانون بعض القيود، حيث يحدد وجود اتحاد عام وحيد للنقابات، وهو “الاتحاد العام لعمال عمان“، الذي يُلزم جميع النقابات بالانضمام إليه ويمثلها في المحافل الإقليمية والدولية. كما لا يُسمح بوجود نقابات عمالية مستقلة.

يشترط القانون لتشكيل النقابة توافر حد أدنى يبلغ 25 عاملاً، بغض النظر عن حجم الشركة، ويشترط موافقة الأغلبية المطلقة من موظفي المؤسسة للموافقة على الإضراب، مع ضرورة تقديم إشعار مسبق لأصحاب العمل قبل ثلاثة أسابيع على الأقل من تاريخ الإضراب المقترح. كما يحظر القانون تنظيم الإضرابات في قطاعي النفط والغاز.

يحظر القانون على أصحاب العمل فصل الموظفين أو اتخاذ أي إجراءات عقابية ضدهم بسبب نشاطهم النقابي. ومع ذلك، تُفرض عقوبات نادرة على أصحاب العمل الذين يفصلون العمال بسبب محاولاتهم تنظيم النقابات. وغالباً ما يكون من الصعب إثبات أن الفصل كان نتيجة النشاط النقابي، كما أن القانون لا يلزم أصحاب العمل بإعادة تعيين العمال المفصولين بسبب نشاطهم النقابي

 نظام الكفالة:

 يعد نظام الكفالة أحد الإشكاليات الأساسية التي تواجه العمالة الوافدة في سلطنة عمان، حيث يربط إقامة العامل وإمكان استمراره في العمل بكفيله، مما يحد من حرية الحركة ويزيد من احتمال تعرض العامل للضغوطات أو الاستغلال.

لا يزال الوضع الحقوقي للعمالة الوافدة في سلطنة عُمان يواجه تحديات متعددة، حيث يعاني العمال غير العُمانيين من تمييز واضح مقارنةً بالعمالة الوطنية. يشمل هذا التمييز عدة جوانب، منها:

  • الأجور: تفاوت في مستويات الرواتب بين العمالة الوافدة والمحلية.
  • الأمان الوظيفي: محدودية الضمانات والاستقرار الوظيفي للعمالة الوافدة.
  • الوضع القانوني: تعقيدات قانونية تواجه العمالة الوافدة في حالة نشوب خلافات مع أصحاب العمل.

يُعزى جزء من هذه التحديات إلى نظام الكفالة، الذي وعدت السلطات العُمانية بإلغائه في عام 2020، إلا أنه لا يزال ساري المفعول حتى الآن.

وفقًا للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات، يمثل الوافدون حوالي 43.4% من إجمالي السكان في عُمان، حيث يبلغ عددهم أكثر من 2.2 مليون شخص. من بينهم، يشكل العمال الوافدون أكثر من 1.8        مليون، ما يمثل أكثر من 68.2% من القوى العاملة في مختلف القطاعات والأسواق. أكثر من 600 ألف من هؤلاء يعملون في مهن تعتبر غير مهارية أو تخصصية، مثل عمال المنازل وعمال المزارع،  وهي المهن التي تثير الجدل بسبب غياب الحماية الحقوقية للعمال، مقارنة بالعمالة الوافدة/المهاجرة التي تشغل مهن تخصصية أو مهارية.

يُعد نظام الكفالة أحد الأنظمة التي تُنتقد بشدة بسبب آثاره السلبية على حقوق العمالة الوافدة. من أبرز هذه الآثار مصادرة الكفيل للمستندات الرسمية أو الوثائق الشخصية للعامل، مما يمنحه سيطرة كاملة على حركة العامل ويضمن عدم مغادرته البلاد أو العمل لدى جهة أخرى دون إذن مسبق. غالبًا ما يُمارَس هذا السلوك في الوظائف ذات الدخل المنخفض، مثل عمال النظافة، وعمال المنازل، والمزارعين.

علاوة على ذلك، يتحمل العامل مسؤولية إيجاد فرصة عمل، والتي قد لا تكون دائمًا متوافقة مع طبيعة الوظيفة التي دخل البلد بموجبها. يضطر العامل أيضًا إلى دفع مبالغ مالية شهرية للكفيل، إلى جانب تحمل جميع التكاليف الشخصية، بما في ذلك نفقات تجديد إقامته في البلاد.

التمييز في الرواتب والأجور:

تتسم سياسات الأجور في عُمان بوجود تمييز واضح بين المواطنين والوافدين، لا سيما فيما يتعلق بالحد الأدنى للأجور ومستويات الرواتب بشكل عام. فبالرغم من أن بعض العمالة الوافدة التي تشغل وظائف مهارية أو إدارية متقدمة تحصل على رواتب ومزايا مرتفعة، إلا أن العمالة الوافدة في الوظائف الأدنى تواجه تمييزاً مقارنة بالمواطنين العُمانيين. حيث يحصل المواطنون على رواتب أعلى من نظرائهم الوافدين في نفس الوظائف، بالإضافة إلى استفادتهم من مزايا قانون الحماية الاجتماعية، الذي يستثني العمالة الوافدة أو المهاجرة من نطاق تغطيته.

ينحصر نطاق نظام الحماية الاجتماعية في توفير المنافع للمواطنين فقط، وخاصة في مجالات مثل التأمين ضد البطالة وفقدان العمل، مما يمنح المواطنين تغطية تأمينية شاملة لا تتوفر للعمالة الوافدة. يؤدي هذا الوضع إلى خلق حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي للوافدين، حيث يفتقرون إلى شبكة أمان اجتماعي مماثلة لتلك الممنوحة للمواطنين، مما يعرضهم لتبعات اقتصادية واجتماعية شديدة عند فقدان وظائفهم. مع العلم، أن عمان عضو في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، إلا أن هذه العضوية لم تمنعها من عدم حماية العمالة الغير وطنية أو الوافدة من التمييز في الأجور وكذلك ظروف العمل.

11.4 السلامة والصحة المهنية:

تضع الحكومة معايير للسلامة والصحة المهنية (OSH) تهدف إلى تلبية احتياجات الصناعات الرئيسية في البلاد. ومع ذلك، تُثار الشكوك حول فعالية هذه المعايير، خاصة فيما يتعلق بالعمالة الوافدة التي تعمل في وظائف منخفضة الدخل وغير مصنفة على أنها مهن احترافية. ومن الأمثلة البارزة على ذلك حادثة التعدين التي وقعت في ولاية عبري عام 2022، والتي أسفرت عن وفاة 14 عاملًا من جنسيات آسيوية مختلفة.

ينص القانون على حق الموظف في مغادرة بيئة العمل الخطرة دون تعريض وظيفته للخطر، بشرط أن يكون صاحب العمل على علم مسبق بالمخاطر ولم يتخذ الإجراءات التصحيحية اللازمة. كما يكفل القانون للموظفين المشمولين بأحكامه الحق في الحصول على تعويض عن الإصابات أو الأمراض المرتبطة بالعمل من خلال التأمين الطبي الذي يتوجب على صاحب العمل توفيره.

تواجه العمالة الوافدة/المهاجرة في عُمان تحديات متعددة تتعلق بمعايير السلامة والصحة المهنية، وتشمل:

  1. عدم تصنيف الوظائف: غالبًا ما تُصنَّف وظائف العمالة الوافدة كوظائف منخفضة الدخل وغير احترافية، مما يؤدي إلى استثنائها من المعايير والضوابط المطبقة على المهن الأكثر تنظيمًا، وبالتالي حرمان العاملين فيها من الحماية اللازمة.
  2. الامتثال للمعايير: يُلاحظ نقص في الوعي والتدريب بشأن معايير السلامة والصحة المهنية لدى كل من أصحاب العمل والعمال. هذا النقص يؤدي إلى انتشار حالات عدم الامتثال، مما يزيد من مخاطر العمل في هذه الوظائف.
  3. الإبلاغ عن الحوادث: تُعد مسألة الإبلاغ عن الحوادث تحديًا كبيرًا؛ فغالبًا ما لا يتم الإبلاغ عن الحوادث في الوقت المناسب أو بالشكل الصحيح، مما يعيق التحقيق في الأسباب واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لتجنب تكرارها.

على الرغم من إصدار وزارة الطاقة والمعادن لدليل الصحة والسلامة لقطاع التعدين، إلا أن هناك تحديات جوهرية تعيق تحقيق معايير الشفافية والرقابة. من أبرز هذه التحديات غياب إمكانية دخول جهات مستقلة إلى مواقع العمل للمراقبة، إضافة إلى تجاهل توفير أدوات الصحة والسلامة أو التدريب المناسب للعمالة الوافدة. يثير هذا الوضع تساؤلات حول مدى التزام الجهات الرسمية بتطبيق معايير الصحة والسلامة، خصوصًا مع الغموض الذي يكتنف تنفيذ العقوبات ضد أصحاب العمل المخالفين.

علاوة على ذلك، تُعتبر مواقع العمل ذات الخطورة العالية، مثل مواقع البناء، غير خاضعة للرقابة المستمرة. غالبًا ما تتم زيارات التفتيش من الجهات المختصة بناءً على جدول زمني مُعلن مسبقًا، مما يمنح أصحاب العمل فرصة للتحضير لهذه الزيارات وإخفاء المخالفات. إضافة إلى ذلك، تُستغل العمالة الوافدة غير المتخصصة، التي تفتقر إلى الخبرة أو التدريب الكافي، في أداء هذه الأعمال الخطرة.

وفقًا لمصادر المركز، تُتجاهل العديد من الحوادث التي تقع في مواقع البناء، وعادةً ما يحصل العامل المصاب على تعويض مالي بسيط من صاحب العمل، وليس من الكفيل، لتسوية الموضوع بهدوء. يُجبر العمال في كثير من الأحيان على الصمت بشأن هذه الانتهاكات خشية فقدان إقامتهم في البلاد. يجدر التنويه إلى أنه، وحتى هذه اللحظة، لم يصدر الوزير أي قرار يتعلق بإصدار لائحة السلامة والصحة المهنية، استنادًا إلى المادة 106 من قانون العمل التي تنص على ما يلي:

“تصدر بقرار من الوزير لائحة السلامة والصحة المهنية، بعد التنسيق مع أطراف الإنتاج الثلاثة: الحكومة، وأصحاب الأعمال، والعمال”.

ويُعَدّ ذلك أحد الأسباب الرئيسية لعدم التزام العديد من المؤسسات والشركات الخاصة بمعايير السلامة والصحة المهنية.

تظل الحاجة ملحّة لتعزيز معايير السلامة والصحة المهنية بما يضمن تلبية احتياجات جميع العمال، بمن فيهم العمالة الوافدة. ينبغي أن تركز الجهود الحكومية على تحسين تطبيق المعايير القائمة، وتعزيز آليات الرقابة والتفتيش، بالإضافة إلى زيادة الوعي وتوفير برامج تدريب شاملة للعمال وأصحاب العمل على حد سواء. يهدف ذلك إلى ضمان بيئة عمل آمنة وعادلة تحمي حقوق العاملين وتقلل من المخاطر المهنية التي قد يواجهونها.

اقرأ أيضا
زر الذهاب إلى الأعلى